تسير خطوات التوصّل إلى اتفاق تهدئة بحلول الأسبوع المقبل، بشكل أسرع من المتوقّع، ولكن غير مضمون النتائج، على رغم تزايد الضغط الأميركي على إسرائيل من ناحية، وعلى الوسطاء من ناحية أخرى، ليضغطوا بدورهم على «حماس»، وفقاً لمصادر مطّلعة على المفاوضات تحدّثت إلى «الأخبار». ويأتي هذا في وقت لا تزال فيه فصائل المقاومة الفلسطينية تتمسّك بمطالب تراها جوهرية في الاتفاق قبل الموافقة عليه، في مقابل تذبذب في الموقف الإسرائيلي. ووفق مشاركين مصريين في اجتماعات الدوحة، فإن الطرح الأميركي حمل «تغييرات تخصّ الجانب الإنساني، وسط إصرار على تخفيف الشروط الإسرائيلية لناحية عمليات تفتيش المساعدات التي يُفترض أن تصل إلى القطاع، فضلاً عن السماح للولايات المتحدة بالقيام بإجراءات من شأنها ضمان إدخال المواد الإغاثية».وفي هذا الإطار، تأتي خطوة إسقاط أطنان من المساعدات الغذائية، أمس، عبر عملية إنزال جوي، مصرية - إماراتية - أردنية - فرنسية، ستليها عمليات أخرى، ليصل مجموع المساعدات إلى 50 طناً، علماً أن واشنطن اشترطت، شأنها شأن دولة الاحتلال، قصر المعونات على المستلزمات الغذائية، مع «ضمان توزيعها على المدنيين فقط»، وهو ما تابعته القاهرة مع الجهات الفلسطينية المعنية. وبحسب المسؤولين المصريين، فإن هذه الخطوة جاءت بعد مناقشات واتصالات حذّرت من تداعيات استمرار تدهور الوضع الإنساني في القطاع، وتهديده لـ«الأمن القومي المصري»، في وقت انتهت فيه مصر من إنشاء معسكر الإيواء الثاني داخل غزة، توازياً مع استعدادها لإقامة معسكر جديد داخل دير البلح، بالإضافة إلى مستشفى ميداني.
ثمة تباين واضح بين الرؤيتين الأميركية والإسرائيلية للمفاوضات


في هذا الوقت، يظهر أن ثمة تبايناً واضحاً بين الرؤيتين الأميركية والإسرائيلية للمفاوضات، حيث يبدي الأميركيون تفاؤلاً مقصوداً لدفع الأطراف إلى التقدّم، بينما يكبح الإسرائيليون تفاؤل الساعات الأولى بعد اجتماع باريس، ويحذّرون من أن الصفقة لا تبدو وشيكة. وفي هذا الإطار، نقلت «هيئة البث الإسرائيلية»، مساء أمس، عن مسؤولين إسرائيليين أن «التفاؤل حذر للغاية؛ إذ إن التقدم بطيء والفجوات كبيرة»، وأن «قطر أطلعت إسرائيل على رد حماس على بعض القضايا». وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعرب عن أمله في أن يبدأ وقف إطلاق النار في غزة بحلول الأسبوع المقبل، معلناً أنّ «إسرائيل وافقت على عدم القيام بأنشطة عسكرية خلال شهر رمضان». كما أعرب مسؤولون أميركيون، لشبكة «NBC News»، عن أملهم في أن يؤدي وقف إطلاق النار المؤقت إلى تأخير الهجوم على مدينة رفح، معتبرين أن هذا من شأنه أن يمنحهم «الأمل في إمكانية خلق الوقت للتفاوض على وقف إطلاق نار أطول أمداً». أما المسؤولون في الكيان، فنقلت عنهم صحيفة «يديعوت أحرونوت» قولهم إنهم «لا يفهمون سبب تفاؤل بايدن بقرب التوصّل إلى صفقة»، في حين نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين مطّلعين قولهم إن الوسطاء القطريين أبلغوا إسرائيل بأنّ كبار مسؤولي «حماس»، «يشعرون بخيبة أمل» من الإطار المحدّث للصفقة، وأكدوا أنه «لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الاقتراح ومطالبهم». وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، لـ«أكسيوس»، إنه «ليس هناك مجال لكثير من التفاؤل»، لافتاً إلى أنّه «من الصعب التوصّل إلى اتفاق قبل رمضان».
في المقابل، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية، أمس، إن قطر «متفائلة بشأن محادثات وقف إطلاق النار، وتأمل في وقف الأعمال القتالية خلال شهر رمضان»، ولكنه أكّد «عدم وجود أي اتفاق إلى غاية الآن، ولا جديد للإعلان عنه». ومن جهتها، أشارت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، في مؤتمر صحافي أمس، إلى أن «حماس طرحت شروطاً غير واقعية». ولفتت إلى أن «شاحنات كثيرة لا تزال تنتظر من جهة غزة»، وأن «مهمة الحكومة الإسرائيلية التحقّق فقط من محتواها». لكنّ النقطة اللافتة في كلامها هي أنه «بإمكان الحكومة تفتيش عدد أكبر من شاحنات المساعدات الإنسانية قبل دخولها غزة»، في ما يبدو محاولة لتظهير قدرة إسرائيل على الاعتناء بالشأن الإنساني في قطاع غزة، عبر تنظيم إدخال المساعدات من المعابر التي تسيطر هي عليها، ما يعني الاستغناء عن معبر رفح على الحدود مع مصر، وكذلك عن منظمة «الأونروا» والمنظمات الأممية الأخرى التي تريد دولة الاحتلال إبعادها تماماً عن المشهد. ولربما تندرج هذه التصريحات في سياق التمهيد للحظة التي سيسيطر فيها الجيش الإسرائيلي على معبر رفح، حيث سيقدّم عندها نموذجه لإدارة إدخال المساعدات إلى القطاع، عبر المعابر مع الأراضي المحتلة.