بغداد | تتحرّك قوى سياسية من المكوّنين الشيعي والسني في العراق، لحسم ملف انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، بديلاً من محمد الحلبوسي المُبعد بقرار قضائي، وذلك بعد تعثّر العملية في ثلاث جولات تصويت أُجريت في الشهرين الماضيين، بسبب خلافات سياسية وقانونية. وتؤكد مصادر مطلعة أنّ أزمة اختيار رئيس البرلمان ستطول كثيراً، ولا سيما بعدما ردّت المحكمة الاتحادية، قبل يومين، دعوى بطلان ترشيح شعلان الكريم، المنتمي إلى حزب «تقدم» الذي يتزعّمه الحلبوسي، بعد اعتراضات شيعية تتّهمه بتمجيد حزب «البعث». ويعمل مجلس النواب العراقي من دون رئيس بالأصالة منذ منتصف تشرين الأول الماضي، بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا إنهاء عضوية الحلبوسي، إثر دعوى قضائية رفعها النائب ليث الدليمي ضده، بتهمة تزوير استقالته. وإذ حالت الانقسامات الكبيرة دون الاتفاق على مرشح سني بديل، فإن «الإطار التنسيقي» ينتظر حالياً من الأحزاب السنية أن تقدّم أسماء مرشحين جدد لاتخاذ القرار. وردّت المحكمة، أول من أمس، دعوى بطلان ترشيح شعلان الكريم، لعدم الاختصاص. كما أجّلت البت في دعوى إلغاء جلسة انتخاب رئيس البرلمان إلى الأول من نيسان المقبل لغرض التدقيق. وقد أقام الدعوى كل من النواب: يوسف الكلابي، فالح الخزعلي وحسين مؤنس فرج، مطالبين بالحكم بعدم دستورية وبطلان ترشيح النائب شعلان لمنصب رئاسة المجلس، وإصدار أمر ولائي بإلغاء جلسة الانتخاب التي عقدت في 13 كانون الثاني الماضي، ونال خلالها الكريم أعلى الأصوات، إلا أن رئيس البرلمان بالوكالة، محسن المندلاوي، رفع تلك الجلسة حتى إشعار آخر بعد سجال بين النواب، من دون إقرار الانتخاب. ويعارض معظم نواب القوى الشيعية ترشيح شعلان، بعد اتهامه بدعم حزب «البعث»، وتمجيد رئيس النظام السابق، صدام حسين، وفقاً لنص الدعوى.
وتفيد مصادر من «الإطار التنسيقي»، «الأخبار»، بأنّ الإطار سيجتمع في بيت زعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، خلال الأسبوع الجاري، لبحث ملف انتخاب رئيس البرلمان وأسماء المرشحين للمنصب. وتؤكد المصادر أنّ «هناك إجماعاً على عدم القبول بشعلان الكريم». وتلفت إلى أن «عمل مجلس النواب يُدار بالإنابة من قبل محسن المندلاوي، وليست هناك إشكالية في عقد الجلسات أو قراءة وتشريع القوانين»، ولهذا ربما سيستمر المندلاوي حتى شهر حزيران المقبل. وتعتبر أن الأقرب إلى الرئاسة هما محمود المشهداني وسالم العيساوي حتى الآن، مشيرة إلى أن «هناك شروطاً وضعها التنسيقي، وأبرزها ألّا يدعم المرشح مشروع الإقليم السني، وألّا يتعامل بسياسة الحلبوسي في إدارة السلطة التشريعية».
«التنسيقي» سيجتمع في بيت المالكي خلال الأسبوع الجاري، لبحث ملف انتخاب رئيس البرلمان وأسماء المرشحين


من جهته، يرى النائب المستقل المرشّح لمنصب رئيس البرلمان، عامر عبد الجبار، أن «الخلافات السياسية والانقسامات جعلت حسم منصب الرئيس صعباً، وأن القوى السياسية لا تتعامل مع الأمر وفق المعايير الدستورية والديموقراطية والتصويت والاستحقاق وفق الحاصل على أعلى الأصوات». ويضيف عبد الجبار، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «القوى السياسية تتعامل وفق الصفقات الحزبية. ولأن المنصب مخصّص للمكوّن السني، بحسب العرف السياسي السائد، وبسبب غياب التوافق بين الأطراف حتى الآن، فقد أصبحت هناك فرصة لأن يبقى المندلاوي في الرئاسة بالوكالة، وتستفيد كتلة الإطار من ذلك لأنه من حصتها».
ويشير النائب عن «ائتلاف دولة القانون»، فراس المسلماوي، بدوره، إلى أن «البرلمان ينتظر قرار المحكمة الاتحادية النهائي لحسم الأمر، ونحن ما زلنا داعمين لمحمود المشهداني كونه لديه الكفاءة والخبرة في إدارة المجلس». ويبيّن، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الحراك السياسي الحالي هو لغرض التحضير للمرحلة المقبلة، لكن الأحزاب السنية حتى الآن لم تتفق على اسم معين، وهناك خلافات في ما بينها بشأن منصب الرئيس». ويلفت إلى أن «هناك دعاوى أخرى لدى المحكمة الاتحادية ننتظر البت فيها. ولذا، البرلمان غير قادر على عقد جلسة مخصّصة للانتخاب من دون معرفة قرارات الاتحادية النهائية بخصوص دستورية الجلسة السابقة، وأيضاً بطلان ترشيح شعلان الكريم بعد ظهور مقاطع فيديو لتمجيده النظام السابق ورئيسه صدام حسين».
أما النائبة عن تحالف «عزم»، ناهدة الدايني، فتؤكد أن «هناك حراكاً داخل البرلمان لجمع تواقيع لعقد جلسة لانتخاب الرئيس من دون انتظار قرار المحكمة الاتحادية النهائي». وتضيف، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هناك إصراراً على بقاء الأسماء المرشحة للمنصب، وليست هناك نية لرفع مرشحين جدد. وبالمحصلة، البرلمان عازم على حسم الأمر بشكل نهائي في أقرب وقت». وتتابع أن «الاجتماعات بين الأحزاب السنية مستمرة لغرض الاتفاق على مرشح مناسب للسلطة التشريعية. وهناك لقاءات مع قيادات الإطار لمناقشة وبحث انتخاب رئيس البرلمان لأهميته بالوقت الحالي».
من ناحيته، يقول الأمين العام لـ«الحراك الشعبي» في الأنبار، ضاري الريشاوي، إن «التوافقات السياسية بين الأحزاب السنية تراجعت كثيراً، وخصوصاً بعد المشاكل التي حصلت على منصب رئاسة مجلس النواب». ويعتقد الريشاوي، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّه «لا يمكن أن يمثّل حزب سني واحد كل المكوّن، وليس هناك صك غفران لجهة واحدة، ويجب أن يكون هناك توافق وتسوية على حسم أزمة انتخاب الرئيس». ويلفت إلى أن «حزب تقدم يصرّ على أن يكون المرشح من داخله، بينما هذا لا يرضي بقية الأحزاب. ولهذا الخلاف مستمر».