رام الله | يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تسعير الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، بتكثيف اعتداءاته وجرائمه على مدار الساعة من شمال الضفة إلى أقصى جنوبها، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتصاعد عمليات الخنق والحصار للمدن والبلدات والقرى. وصباح أمس، اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية مدينة جنين، وحاصرت بناية في حي الجابريات وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع. على الأثر، اندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والشبان، أصيب خلالها شاب على الأقل بجروح خطيرة جراء رصاصة في الرأس. كما أطلق جنود العدو الرصاص الحي باتجاه مركبة إسعاف في حيّ خلة الصوحة في المدينة، وداهموا عمارة «الجابريات» بعد محاصرتها، واعتقلوا الشاب رأفت عواد (33 عاماً)، واعتدوا بالضرب المبرح على الشاب علاء أبو الجحيم. أيضاً، استولت قوات الاحتلال على كاميرات تسجيل المراقبة في العمارة المذكورة، بعد خلع أبواب الشقق السكنية.وفي مدينة طولكرم، أعلن، أمس، استشهاد إبراهيم محاميد (59 عاماً)، متأثراً بجروح حرجة أصيب بها قبل نحو 5 أشهر، خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم نور شمس، الذي تعرّض في الأشهر الماضية لاقتحامات متكررة، وسط استهداف مباشر للفلسطينيين بالرصاص الحي، وتدمير واسع لمنازل وممتلكات السكان والبنى التحتية للمخيم. وبالتزامن مع ذلك، شيّع الفلسطينيون، الشهيد بشار حنني (25 عاماً) من بلدة بيت فوريك في مدينة نابلس، والذي قضى، فجر أمس، بعدما أصيب برصاصة في البطن، في أعقاب تصدّيه ورفاقه لاقتحام الآليات العسكرية الإسرائيلية للبلدة، والذي تخلّله إطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحيّ عليهم وعلى منازل المواطنين. أيضاً، شهدت بلدة قصرة في المحافظة نفسها، مواجهات عنيفة أصيب خلالها شاب بجروح خطيرة جراء رصاصة استقرت في صدره، فيما اعُتدي على طاقم إسعاف «الهلال الأحمر الفلسطيني». وقد جرى الاعتداء على شاب بالضرب، الأربعاء الماضي، على حاجز صرة العسكري المقام على أراضي المواطنين غرب نابلس.
يواصل العدوّ عزل الأسرى عن العالم الخارجي، ويمعن في الانتهاكات ضدّهم


أما في مخيم الجلزون قرب رام الله، فتعمّد جنود الاحتلال إطلاق النار بشكل مباشر على الشاب صالح محمد حسونة (28 عاماً)، وهو نائم، بعد مداهمة منزله، ما أدى إلى إصابته في القدم، قبل أن يقتادوه إلى غرفة المعيشة، حيث أطلقوا عليه رصاصتين، وأجبروه على نزع ملابسه، ثم قيّدوه واعتقلوه عارياً، وسط ذهول ورعب زوجته وطفله الرضيع الذي يبلغ من العمر 6 أشهر. وفي هذا الإطار، قالت «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» إنها تملك صوراً تدل على محاولة إعدام حسونة، حيث أطلقت عليه النار من دون أن يكون هناك أي شكل من المقاومة أو الدفاع عن النفس من قبله، مشيرة إلى أن طبيعة الاقتحام وأعداد الجنود المقتحمين تعكس سادية هذه المنظومة الفاشية.
في هذا الوقت، يستمرّ الاحتلال في ارتكاب جرائمه بحقّ الأسرى، وآخرها ما أسفر عن استشهاد الأسير المصاب بالسرطان عاصف الرفاعي (22 عاماً) من بلدة كفر عين قضاء رام الله، بعدما عانى الإهمال الطبي في عيادة سجن الرملة، طوال سبعة أشهر. وقد اعتقل الرفاعي، منذ تاريخ 24 أيلول 2022، رغم إصابته بالسرطان، علماً أن هذا الاعتقال هو الرابع الذي يتعرض له منذ أن كان طفلاً، فضلاً عن إصابته برصاص الاحتلال عدة مرات. على أن الاحتلال حرم عاصف قبل اعتقاله من الحصول على تصريح للعلاج في القدس، ليستكمل جريمته باعتقاله، وتنفيذ جريمة طبيّة بحقّه بالمماطلة في نقله إلى المستشفى وإجراء الفحوص اللازمة له، وتزويده بالعلاج. وبذلك، يرتفع عدد الشهداء في صفوف الأسرى إلى 11 منذ السابع من أكتوبر، فيما يواصل العدو عزل هؤلاء عن العالم الخارجي، ويمعن في الانتهاكات ضدهم.
وعلى خطّ موازٍ، شنّت قوات الاحتلال، فجر وصباح أمس، حملة اقتحامات واسعة في الضفة، تخلّلتها مداهمات لعشرات المنازل في مختلف المناطق، وذلك وسط مواجهات في عدة محاور، كان أبرزها في مخيم بلاطة الذي شهد مواجهات مسلحة عنيفة بين المقاومين وجنود العدو، وتفجير عبوات ناسفة بآليات الاحتلال. وجاء هذا فيما قرر «كابينت الحرب» سحب صلاحيات وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، بشأن المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، استجابة للتحذيرات الأمنية من إمكانية أن يؤدي فرض قيود على دخول المصلين إلى الحرم القدسي، إلى اشتعال الأوضاع. وإذ ستحدد الشرطة سقفاً لعدد المصلين بناءً على الاعتبارات الأمنية والمعلومات الاستخبارية، فهي ستسمح، بحسب تقديرات «القناة 12 العبرية»، في بداية رمضان، بدخول ما بين 50 و60 ألف مصلٍّ إلى المسجد الأقصى، على أن يجري تقييم الوضع لاحقاً.



عملية فدائية جديدة تصرع مستوطنَيْن
تلقّى العدو الإسرائيلي، مساء أمس، ضربة مؤلمة، بمقتل اثنين من مستوطنيه، في العملية الفدائية التي وقعت قرب مستوطنة عيلي (المقامة على أراضي قريتي اللبّن الشرقية والساوية بين مدينتي رام الله ونابلس). وجاءت هذه العملية في خضم تحذيرات المنظومة الأمنية الإسرائيلية من اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية، لتلقي بثقلها على المستويين السياسي والعسكري اللذين يسعيان منذ بداية العدوان على غزة إلى إبعاد الضفة عن المواجهة، فيما تبدو الأخيرة اليوم أكثر انخراطاً فيها.
وأدّت العملية إلى «مقتل رجلين في الأربعينيات والعشرينيات من أعمارهما»، حسبما نقلت «نجمة داود الحمراء»، بعد إطلاق النار عليهما في محطة وقود قرب المستوطنة، فيما استشهد منفّذها الشهيد الضابط في الشرطة الفلسطينية، محمد مناصرة، الذي نعته مساجد مخيم قلنديا. وعلى إثر الهجوم، دخلت المنظومة الإسرائيلية في حالة تخبّط في بداية الحدث، إذ تضاربت الأنباء بشأن عدد المنفّذين؛ وفيما قالت «هيئة البث الإسرائيلية» إن «المنفّذ شخص واحد وهو من سكان قلنديا قرب مدينة القدس»، مشيرة إلى أنه «قُتل بإطلاق النار عليه»، ذكرت وسائل إعلامية إسرائيلية أخرى أن «خلية مكوّنة من 3 مسلحين نفّذت عملية إطلاق النار في المستوطنة». وعلى الأرض، أغلقت قوات الاحتلال الطرق المؤدية إلى المكان، وسط وصول تعزيزات كبيرة، و«شرعت في مطاردة آخرين تشتبه في مشاركتهم في العملية»، بحسب «هيئة البث»، في حين ذكرت صحيفة «معاريف» أن «الجيش فعّل الإنذارات في مستوطنة عيلي بسبب مخاوف من تسلل شخص آخر».
وفي المقابل، أجمع الفلسطينيون على كون العملية رداً على المجازر بحق الشعب الفلسطيني، وهو ما أشارت إليه مختلف فصائل المقاومة في بياناتها، ومن بينها حركة «حماس»، التي نعت الشهيد مناصرة، مشيرة إلى أن «المجازر بحق الشعب الفلسطيني، وآخرها مجزرة دوار النابلسي في غزة، لن تمر من دون رد، وأن استمرار عربدة الاحتلال في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك سيكون صاعق تفجير إضافياً». يُذكر أن مكان العملية هو نفسه الذي وقعت فيه، في 20 حزيران من العام الماضي، عملية أسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 4 آخرين، في مقابل استشهاد منفّذي الهجوم، مهند شحادة وخالد الصباح، بعدما أطلق جيش الاحتلال النار عليهما.