بغداد | أكّدت «المقاومة الإسلامية في العراق»، بالنار، أنها ما زالت جزءاً من جبهات المساندة لقطاع غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وأن الهدنة مع الأميركيين خلال التفاوض على الانسحاب، لا تشمل إسرائيل. لكنّ اللافت أن العملية التي جرى تنفيذها في هذا السياق، تتزامن مع بروز تساؤلات أثارتها جولات التفاوض الثلاث المنعقدة حتى الآن في بغداد، والتي لا يبدو أنها تشمل الحديث عن انسحاب كامل، أو حتى إمكانية أن ينتهي التفاوض قريباً. وفي الوقت نفسه، عبّر «الإطار التنسيقي» عن امتعاضه من زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، للولايات المتحدة قبل أيام، وذلك لأنها سبقت زيارة رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، المرتقبة إلى هناك. وأعلنت المقاومة في بيان أصدرته، أمس، أن «مجاهديها هاجموا، مساء الجمعة الماضي، بواسطة الطيران المُسيّر، محطة المواد الكيميائية في ميناء حيفا»، مؤكّدة «استمرارها في دكّ معاقل الأعداء».
وجاءت تلك العملية لتنهي جدلاً حول ما حُكي عن خروج العراق من معركة مساندة غزة بعد الهدنة مع الأميركيين، والتي التزمت بها المقاومة في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات التي تجريها الحكومة مع واشنطن منذ كانون الثاني الماضي. لكنّ هذه المحادثات سرعان ما أحدثت انقساماً واسعاً بين القوى السياسية الحاكمة، وخاصة أن القوى السنية والكردية الممثّلة في مجلس النواب رفضت فكرة خروج «التحالف الدولي» من البلاد جملة وتفصيلاً، بينما غالبية الأطراف الشيعية تدعم إنهاء التواجد الأجنبي بشكل نهائي.
وتؤشر الاجتماعات الأولى إلى أنّ الجانبين الأميركي والعراق سيتفقان على إعادة ترتيب العلاقة مع الدول الأعضاء في «التحالف» وليس إنهاء جميع المهام. وفي هذا الصدد، يؤكد مسؤول عسكري عراقي كبير، لـ«الأخبار»، أنّ «المعلومات الأولية عن المباحثات هي أنها تتناول مناقشة مخاطر داعش والإرهاب على الأمن العراقي، وكذلك خطر وجود جماعات خارجة عن القانون ونشاطها المسيء إلى سمعة الحكومة والدولة العراقية». ويضيف المسؤول العسكري أن «الحديث يخلو من فكرة خروج القوات الأميركية من البلاد، وأن الطرفين يؤكدان أهمية تواجد قوات الولايات المتحدة في تنفيذ ضربات جوية ضد داعش وخلاياه النائمة بالتعاون مع القوات العراقية». ويتابع أنّ «مراحل الحوار ستستغرق وقتاً طويلاً، نظراً إلى العلاقة المعقّدة بين الجانبين وخاصة في قضايا الأمن والتسليح».
المعلومات الأولية عن المفاوضات تشير إلى أن الحديث يخلو من فكرة خروج القوات الأميركية من العراق


ولم تعلّق حكومة بغداد رسمياً على نتائج المباحثات، سوى من خلال تأكيد رئيس أركان الجيش، الفريق أول الركن عبد الأمير رشيد يار الله، أمس، بصفته رئيس الجانب العراقي في اللجنة العسكرية المشتركة، استمرار اجتماعات اللجنة. لكنّ مصدراً حكومياً في مكتب السوداني يقول، لـ«الأخبار»، إنّ «المباحثات ماضية في اتجاه ترتيب العلاقة فقط. والولايات المتحدة طلبت من الحكومة العراقية ضمانات ببقاء فصائل المقاومة بهذا الهدوء وعدم شنّ هجمات على قواتها». وأضاف المصدر أن «زيارة مسرور بارزاني للولايات المتحدة لن تؤثر على زيارة السوداني المقبلة لواشنطن، إذ لم يكن هناك تنسيق أو اتفاق أو عِلم لدى بغداد بشأن الملفات المهمة، وخاصة الإستراتيجية، التي نوقشت في الزيارة».
من جهته، يرى القيادي في «الإطار التنسيقي»، علي حسين، أن «الحوارات الحالية، وحسب الرسائل التي بعثتها الحكومة، وصلت إلى مراحل متطورة بشأن انسحاب قوات التحالف من العراق»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أنّ «المقاومة الإسلامية ملتزمة بالاتفاق مع الحكومة بشأن عملياتها العسكرية. ولهذا، فإن أي تأخير أو غموض بشأن المباحثات ربما سيعيد سيناريو التصعيد العسكري». ويتوقع أن «يعقد الإطار سلسلة اجتماعات مع السوداني، لمناقشة أجندة زيارته المقبلة للولايات المتحدة». ويعتبر أن «زيارة بارزاني لواشنطن خلت من اللياقة الدبلوماسية»، مشيراً إلى أن «الملفات التي بحثها رئيس حكومة الإقليم لا تعرفها حكومة بغداد. ولهذا، نحن نشكّك في نوايا هذه الزيارة وتوقيتها الذي سبقت زيارة السوداني المرتقبة».
وقبل أسبوع، وصل بارزاني إلى واشنطن في زيارة رسمية، قالت حكومة الإقليم إنها جاءت بناءً على طلب من الأخيرة، وأجرى خلالها لقاءات متعدّدة مع المسؤولين الأميركيين لمناقشة ملفات أمنية واقتصادية وغيرها. وتعليقاً على ذلك، يرى السياسي الكردي، ياسين عزيز، أن «هذه الزيارة هي بمثابة تجديد للعلاقات بين الولايات المتحدة وكردستان»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أنها «جاءت بناءً على دعوة رسمية. فلا داعيَ لكل ما أثير حولها من بعض الأطراف». ويقول: «إننا ننظر إلى الزيارة على أنها مبنية على مصالح وفقاً للمبادئ السياسية. ونحن كإقليم كردستان لدينا مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة، والآن نحن بحاجة إلى المزيد من الشركاء، والولايات المتحدة بحاجة إلينا أكثر مما نحتاج إليها».