رام الله | شيّع الفلسطينيون في مخيم قلنديا أمس، الفتى مصطفى أبو شلبك (16 عاماً) الذي استشهد بعد إصابته برصاص الاحتلال، أثناء مواجهات اندلعت في مخيم الأمعري في مدينة رام الله. وكان شهد المخيّم اجتياحاً يُعدّ الأوسع من نوعه في السنوات الماضية، استمرّ قرابة سبع ساعات - منذ فجر الإثنين -، حيث اقتحمت قوّة عسكرية راجلة إسرائيلية يُقدّر عديدها بـ800 جندي، «الأمعري»، معزّزةً بـ40 آلية عسكرية حاصرت جميع مداخله. ووفقاً لمصادر محلّية في المخيّم، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن قوات الاحتلال اقتحمت ما يقرب من 20 منزلاً في المخيّم بهدف اعتقال «مطلوبين»، علماً أن القوات المقتحمة سرقت خلال عملها أموالاً ومصاغاً ذهبية وهواتف من داخل المنازل التي عبثت بمحتوياتها، فضلاً عن قيامها بأعمال حفر وهدم للجدران في عدد منها. ونتج من العملية اعتقال الاحتلال، 15 شاباً، اقتادتهم القوّة إلى مقهى في وسط المخيّم، بعدما حوّلته إلى مركز تحقيق ميداني، حيث اعتدى الجنود بالضرب المبرح على جميع مَن تمّ احتجازهم، قبل أن يُصار إلى الإفراج عن بعضهم. وفي الأثناء، شهد «الأمعري» مواجهات عنيفة بين الشبان وجنود العدو، أدت إلى استشهاد أبو شلبك، وإصابة شاب آخر برصاص القوات الإسرائيلية التي تعرّضت خلال انسحابها من المخيّم، لإطلاق نار كثيف أصيبت على إثره مجندة.كذلك، شهدت الضفة الغربية، فجر وصباح الإثنين، اقتحامات واسعة لمدنها وبلداتها، تخلّلتها مواجهات عنيفة، وحملة اعتقالات طالت 55 مواطناً، من بينهم أطفال وأشقاء، إضافة إلى أسرى سابقين، ما يرفع عدد المعتقلين، منذ السابع من أكتوبر، إلى أكثر من 7340، علماً أن هذه الحصيلة تشمل مَن جرى اعتقالهم من منازلهم، وعبر الحواجز العسكرية، ومَن اضطرّوا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومَن احتجزوا كرهائن.
وشهدت مدن نابلس وطولكرم وقلقيلية شمالي الضفة، أبرز عمليات الاقتحام تلك، حيث تعرّضت قوات الاحتلال لإطلاق النار خلال اقتحامها منطقة صوفين في قلقيلية. أيضاً، شهدت بلدة حبلة جنوبي المدينة مواجهات عنيفة، توازياً مع اقتحام جيش العدو مخيم نور شمس شرقي طولكرم، حيث سُمعت أصوات إطلاق نار واشتباكات، وتصاعد الدخان جرّاء إلقاء قوات الاحتلال قنابل دخانية، بينما جرى تجريف البنية التحتية في شوارع المخيّم، عقب اقتحام حاراته وتحديداً المدارس وجبل النصر وجبل الصالحين وشارع المقبرة.
لا تزال التقييمات الأمنية في شأن الأوضاع في الأراضي المحتلة في شهر رمضان، تشغل قادة أجهزة الاحتلال الأمنية


وفي مدينة نابلس، اقتحم مستوطنون قبر يوسف في المنطقة الشرقية من المدينة، وهاجموا عدداً من منازل المواطنين، على غرار الهجوم الذي شُنّ قبل أيام على منازل الفلسطينيين ومركباتهم في قرية برقة قرب رام الله. وعلى هذه الخلفية، اندلعت اشتباكات مسلّحة بين المقاومين وقوات الاحتلال، التي دفعت بالمزيد من الآليات إلى المنطقة لمحاصرة منطقة قبر يوسف، وذلك بهدف تأمين دخول المستوطنين المتطرّفين لتأدية طقوس تلمودية. أيضاً، شهدت أحياء متفرقة في نابلس مواجهات مع جنود العدو، الذين اقتحموا المدينة لتفجير منزل الشهيد معاذ المصري في حي المخفية. ولهذه الغاية، أجبرت قوات الاحتلال سكان عمارة المصري والمنازل المحيطة بها على إخلائها، قبل أن تشرع الفرق الهندسية في أعمال الحفر وزرع المتفجرات داخل الشقة، فيما دارت مواجهات عنيفة في الحي، أصيب على إثرها 15 فلسطينياً بالاختناق جراء إطلاق قوات العدو قنابل الغاز.
وفي ضوء استمرار التصعيد الميداني، لا تزال التقييمات الأمنية في شأن الأوضاع في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتلّ في شهر رمضان، تشغل قادة أجهزة الاحتلال الأمنية، والذين عقدوا، أول من أمس، تقييمات مشتركة وجديدة للوضع الأمني، وتحدثوا عن تعزيز التنسيق بين الأجهزة الثلاثة، «والجاهزية العمليّاتية لمواجهة أيّ سيناريو، إلى جانب الرغبة في السماح بحرية العبادة» في المسجد الأقصى لفلسطينيي الداخل المحتلّ وعدد محدود من فلسطينيي الضفة. وذكرت إذاعة الاحتلال أن الجيش و«الشاباك» يصرّان على موقفهما من الصلاة في الأقصى، ويسعيان إلى تغيير موقف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بعدما صادق الأخير على تحديد عدد المصلين من فلسطينيي الداخل، بفعل ضغوط مارسها عليه وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير.
وستقدّم الأجهزة الأمنية، خلال مباحثاتها مع نتنياهو، تقارير تفيد بأن «احتمال حدوث تدهور أمني في الضفة مرتفع، وإذا حصل ذلك، فإن ثمة شكاً في إذا كنّا سنتمكّن من إيقافه في موازاة القتال وانتشار القوات في مجمل الجبهات»، أي في قطاع غزة، ومقابل الحدود اللبنانية. كما ستشمل تلك التقارير معطيات حول ارتفاع عدد العمليات المسلّحة في الضفة والقدس بنسبة 80% خلال السنة الأخيرة. وفي هذا الإطار، نقلت إذاعة الجيش عن مسؤول أمني رفيع، قوله إن تفجُّر الأوضاع في الضفة والقدس، خلال رمضان، سيؤثّر في الوضع في غزة والحدود الشمالية، وإنه «سيتم وقف القتال في هاتين الجبهتين، ونقل قوات من غزة والشمال إلى الضفة». وأضاف المسؤول الأمني أن «بن غفير لا يدرك المخاطر»، متابعاً أنه خلال المداولات مع نتنياهو، «سيطالب الجيش والشاباك بمصادرة القرار في شأن اقتحام قوات للمسجد الأقصى من أيدي الشرطة»، ما يعني تحييد بن غفير عن اتّخاذ قرار كهذا أو التأثير على اتّخاذه.=