تتركّز جهود الأطراف المنخرطة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، والأميركيين والوسطاء، على قضية المساعدات الإنسانية، التي ينادي الجميع بضرورة إدخالها إلى القطاع، وضمان توزيعها على أهاليه، من غير أن تجد طريقها بعد إليهم، بينما يجهد العدو في إفشال أي محاولة لتأمين عملية الإغاثة، عبر استهداف طواقم ومراكز المنظمات الأممية، والشرطة الفلسطينية، وملاحقة عناصر الأخيرة واغتيالهم. وفي هذا السياق، استهدفت طائرات العدو، أمس، مقرّ توزيع مساعدات تابعاً لـ«الأونروا»، هو الأكبر في القطاع، وسط مدينة رفح، ما أدّى إلى سقوط 5 شهداء، واحد منهم من العاملين في المنظمة، والباقون مدنيّون، وتدمير وإتلاف كميات كبيرة من المساعدات. وبالتوازي مع ذلك، كشفت «إذاعة الجيش الإسرائيلي»، عن تنفيذ قوات العدو، أمس، محاولتين لاغتيال رئيس قسم عمليات الشرطة، ورئيس لجنة الطوارئ، في مدينة رفح. ولا تُخفي إسرائيل مساعيها هذه، والتي تتساوق مع حملة الحصار والتجويع المستمرّة، إذ نقل مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمس، عنه تأكيده، أمس، أمام نظيره الهولندي، أن «إسرائيل مصمّمة على استبدال الأونروا». في حين نقلت «القناة 12» العبرية، عن وزير الحرب يوآف غالانت، قوله إن «المشكلة ليست في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إنما في كيفية توزيعها»، مشيراً إلى أنه «يجب أن يتولّى أحد توزيعها، ويجب أن يكون من حركة فتح، يمكن أن يكون دحلان أو ماجد فرج، ليس مهماً». كما كشفت القناة عن «مواجهات حادّة نشبت بين نتنياهو وغالانت بشأن قضية توزيع المساعدات في قطاع غزة».
كما أن استهداف الشرطة في غزة، والبنى التحتية الحكومية المدنية، رغم أنه مستمرّ منذ بداية الحرب، إلا أنه يتكثّف خلال هذه المرحلة، وخصوصاً بعدما كشفته مصادر فلسطينية لوسائل الإعلام، من أن «وجهاء عائلات في غزة، أبلغوا مسؤولين أمميين في اجتماع اليوم (أمس)، رفضهم التعاون إلا عبر الأجهزة الأمنية في غزة»، علماً أن «منسّق أعمال الحكومة الإسرائيلية في القطاع، تواصل شخصياً مع أولئك الوجهاء، لكن تم رفض عرضه للتعاون». وأشارت المصادر نفسها إلى «اجتماع مرتقب، يوم السبت، بين مسؤولي الأونروا ومسؤول الشرطة في غزة، للاتفاق على آلية دخول المساعدات».
حاولت إسرائيل اغتيال رئيس قسم عمليات الشرطة، ورئيس لجنة الطوارئ، في مدينة رفح


في المقابل، أشادت حركة «حماس»، بـ«الموقف الوطني المسؤول لعائلات وعشائر غزة ورفضها التجاوب مع المخططات الخبيثة للاحتلال»، مشيرة الى أن «موقف وجهاء وعشائر غزة يؤكد على دعم المقاومة والحكومة وأجهزتها الشرطية والأمنية».
ولا يبدو الأميركيون بعيدين عن هذا السياق، إذ أكّد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن «أبرز التحدّيات التي نواجهها حالياً في غزة، هو غياب الأمن»، مشيراً إلى أن «على الجيش الإسرائيلي أن يبذل ما بوسعه لضمان المرور الآمن لأي قافلة مساعدات في غزة»، معلّقاً بأن «حادثة الأونروا اليوم (أمس) تظهر ضرورة وجود تفاهم وتنسيق أفضل مع العاملين في المجال الإنساني». وأعاد بلينكن تكرار المواقف الأميركية السابقة حول الموقف الإنساني في غزة، والتي لم تأتِ بأي نتيجة بعد، معتبراً أن «إنشاء الممرّ البحري سيستغرق بعض الوقت، ونعمل على إنجازه بأسرع ما يمكن»، لكن «الممرّ البحري ليس بديلاً من إدخال المساعدات براً إلى قطاع غزة». وتترافق مواقف الإدارة الأميركية، مع ضغوط داخلية متزايدة، تمثّل آخر وجوهها في «بعث أعضاء في مجلس الشيوخ رسالة إلى (الرئيس الأميركي جو) بايدن، تدعوه إلى ربط المساعدات لإسرائيل بتسهيل المساعدات لغزة»، بحسب موقع «أكسيوس».
وبالنسبة إلى العملية العسكرية المرتقبة في رفح، أكّد بلينكن أن(نا) «قلنا لإسرائيل إنه لا بدّ من التأكد من حماية المدنيين في حال تنفيذ أي عملية عسكرية في رفح»، مشيراً إلى الحاجة إلى أن «تقدّم إسرائيل خطة لحماية المدنيين قبل أي عملية عسكرية في رفح، ولم نرَ هذا بعد». وأشار بلينكن إلى أن شنّ عملية من هذا النوع «يمثّل تحدّياً كبيراً في ظلّ وجود 1.4 مليون فلسطيني هناك». ومن جهته، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن «مصر تحذّر من المخطط الإسرائيلي لشنّ هجوم على المدينة التي يوجد فيها أكثر من مليون فلسطيني».