أعادت الحرب على غزة القيادي المنشق عن فتح محمد الدحلان إلى الواجهة بعد انحسار طويل. وبمعزل عن وجود أسباب «غير فلسطينية» خلف قرار حجب الدحلان طويلاً، فإن الأطراف المعنية بملف القطاع عادت لتضع اسمه على لائحة من يتم التشاور معهم. وهو حظي بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة للعب دور مركزي في الاتصالات الخاصة بـ«اليوم التالي» فلسطينياً.

صحيح أن الدحلان بادر منذ بداية الحرب إلى إدانة الحرب الإسرائيلية، إلا أنه سعى إلى استئناف الاتصالات «الفعالة» مع حركة حماس، وأوفد مساعده الأبرز سمير مشهراوي إلى الدوحة للاجتماع مع قيادة الحركة، كما زار الدوحة للبحث في مستقبل القطاع. وهو يكرر أمام كل من يجتمع به أنه ليس مهتماً بدور أو موقع خاص، وأنه حصل على موازنة كبيرة من حكومة أبو ظبي لمساعدة أبناء القطاع.
لكن بالنسبة إلى الجانب الآخر، فإن لدحلان دوراً ضرورياً الآن، وهو ما بحثه معه «منسق أنشطة الاحتلال في المناطق» الضابط الإسرائيلي غسان عليان في أبو ظبي نفسها، إلى جانب مسائل كثيرة من بينها إنتاج إدارة محلية خارج سلطة حماس وبقية الفصائل، تتكون من عناصر محلية ووجهاء من بينهم بعض قدامى الكوادر في حركة فتح. وهناك رهان كبير على مساعدة يقدمها الدحلان على صعيد إنتاج سلطة محلية لتولي ملف الإدارة المدنية بعيداً عن حكومة غزة.
لكنّ الجانب الآخر الذي يهتم به الدحلان نفسه، كما بقية الأطراف، يتصل بالوضع في حال حصلت الهدنة وجرى إطلاق سراح معتقلين من بينهم القائد في حركة فتح الأسير مروان البرغوثي. وتردّد بقوة في محافل فلسطينية أن السلطات الإسرائيلية سهّلت اجتماعاً بين الدحلان والبرغوثي في السجن الذي يتواجد فيه الأخير، وأن الدحلان أعاد تكرار تصوره لكيفية إعادة بناء حركة فتح وتسلّم السلطة من القيادة الحالية وعلى رأسها محمود عباس، والاتفاق مع البرغوثي على ترشيح شخصية فلسطينية لتولي رئاسة أي حكومة انتقالية في المرحلة المقبلة.