ودخلت قضية استمرار الصادرات التركية إلى إسرائيل، في المعركة الانتخابية البلدية التي ستجري في نهاية الشهر الجاري. إذ بعدما استهزأت المعارضة بكلام المرشح عن حزب «العدالة والتنمية» لرئاسة بلدية إسطنبول، مراد قوروم، وقوله إن فوزه «سيُفرح أهل غزة»، شنّ زعيم حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، أوزغور أوزيل، هجوماً على إردوغان بقوله إنه ما دامت تلك الصادرات «فلن يتوقف الظلم بحق أهل غزة». ودافع أوزيل بأن حزبه «لم يصدّر الحديد والسماد إلى إسرائيل، والسماد يُستخدم لصنع القنابل والمتفجرات»، مخاطباً إردوغان، خلال حديثه في إفطار في منطقة إزمير، بالقول: «إذا كنتَ إلى جانب فلسطين، فادعُ أقرباءك وأتباعك إلى وقف التجارة مع إسرائيل». وأضاف أن «دعم حزب الشعب الجمهوري لفلسطين معروف، والجميع يعرف دعم رئيس الوزراء السابق، بولنت أجاويد، لياسر عرفات. إن قضية فلسطين ليست بعيدة عن حزب الشعب الجمهوري واليسار في تركيا».
دخلت قضية استمرار الصادرات التركية إلى إسرائيل، في المعركة الانتخابية البلدية التي ستجري في نهاية الشهر الجاري
وفي صحيفة «قرار» المعارضة، كتب مصطفى قره علي أوغلو، حول «العجز» التركي عن مد يد المساعدة إلى فلسطين، قائلاً إنه «لا شك في أن القضية الفلسطينية مهمة جدّاً للأتراك، وهي في قلب اهتمامهم، بل إن رجب طيب إردوغان كاد يساوي بين مستقبله السياسي وقضية فلسطين. وليس من قضية أخرى في السياسة الخارجية تناولها إردوغان أكثر من القضية الفلسطينية. ولم يكتفِ بالكلام، بل قدم مساعدات عملية. لذلك، عندما انفجرت أزمة غزة الأخيرة، كانت توقعات الشارع التركي والإسلامي من تركيا كبيرة جدّاً». ورأى قره علي أوغلو أنه «كان على تركيا أن تعمل على خطين لوقف المذبحة بحق الفلسطينيين: إما مع إسرائيل، وإما الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا، لكن هؤلاء لم يتجاوبوا مع تركيا. وحتى الدول العربية والإسلامية الرائدة لم تُرد أن تنسّق مع تركيا، وهذه لم تحاول إحراجهم. وفقدت تركيا خطابها الذي كان يقول إنه لا يطير عصفور في المنطقة إلا بإذنها، أو أن العالم الإسلامي معلقة آماله على تركيا. ورغم الجهد الديبلوماسي فإننا لم نتمكن من إنتاج معادلة أو أن نكون جزءاً منها».
ويُرجع الكاتب هذا العجز إلى سببَين: «الأول، هو تراجع قدرة تركيا على تأسيس تحالفات ديبلوماسية في العالم، ومع الوقت أيضاً كنا نصبح أكثر عزلة، وتراجع عدد الدول المستعدة للتعاون معنا. حتى إذا وقعت أزمة غزة، لم نجد بلداً يمكن أن يكون جزءاً من تحركنا». أمّا السبب الثاني، وفقاً له، فهو «تراجع تأثير قوتنا على دول الخليج. بعضها تصالحنا معها بعد سنوات من الصراع مثل السعودية والإمارات، وفقدنا تأثيرنا عليها، بل على العكس، باتت هي التي تؤثر علينا. حتى مصر كان تأثيرها علينا أكثر من تأثيرنا عليها. وهكذا، أضرّت بنا سياسات الحماسة والانفعال والادعاء، وتأثرنا بالضربات التي تلقاها اقتصادنا. وكان لفقدان الأصدقاء وانفجار الأزمة الاقتصادية نتائجهما المنطقية التي رأيناها في أول امتحان واجهناه في غزة».
في هذا الوقت، تقدّمت جمعية «مظلوم در» الإسلامية الشهيرة، من الادعاء العام في إسطنبول، بشكوى ضد كل الشركات التركية التي يثبت تورطها في تصدير المنتجات إلى إسرائيل. وأكدت الجمعية، في بيانها الذي تلاه مسؤولون فيها أثناء احتجاج أمام قصر العدل، أن استمرار العلاقات التجارية مع إسرائيل، في ظل الأزمة الإنسانية الثقيلة التي تعيشها غزة، «أمر غير مقبول، ومعطى مخجل»، داعيةً إلى «إنهاء هذه العلاقات في الحال، ومعاقبة الشركات المشاركة في التصدير». كما رفعت لافتات مكتوباً عليها: «التجارة مع إسرائيل خيانة للإنسانية» و«لا يمكن المتاجرة مع قاتلي الأطفال».