أنقرة | في الوقت الذي تخفض فيه بقية الدول من خطابها السياسي حيال سوريا، تستعد تركيا من أجل لقاء «أصدقاء الشعب السوري»، الذي يعقد في إسطنبول هذا الأحد، ويهدف الى زيادة الضغط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإنشاء صندوق من أجل تقديم المساعدة الإنسانية إلى الشعب السوري، سواء إلى هؤلاء الذين فرّوا من بلادهم ولجأوا الى دول الجوار، أو أولئك الموجودين في الداخل. ويُتوقع أن يجري التطرق خلال المؤتمر الى وضع «المجلس الوطني السوري»، الذي جرى اعتباره «ممثلاً شرعياً للشعب السوري» في الاجتماع الأول لأصدقاء الشعب السوري، الذي عُقد في تونس. ومع أنه غير واضح بعد، لكن هناك احتمال بأن يجري تعريف المجلس الوطني بـ«الممثل الوحيد للشعب السوري» في لقاء إسطنبول. لكن تبقى الرسالة الأكثر طموحاً في لقاء إسطنبول هي توجيه رسالة قوية الى دمشق. رسالة تقول إن «المجتمع الدولي سوف يلاحق الوضع في سوريا على الأرض، حتى يصبح هناك بعض التغييرات السياسية». لكن ليس واضحاً بعد ما اذا كان المشاركون سيوافقون على بعض الآليات لهذا الغرض. وفي جميع الأحوال، هناك بعض العقوبات أيضاً على جدول أعمال المؤتمر، مع تقديم مساعدة أوسع للمعارضة. وتسعى أنقرة من خلال هذا الاجتماع، أيضاً، الى زيادة «الضغوط الدبلوماسية» على سوريا، وتحديد الآليات المحتملة لهذا الهدف في الإعلان الذي سيصدر عن الاجتماع. كما تأمل أن تُحدث تغييراً في توجّه كل من روسيا والصين حيال الأزمة السورية.
وقد دعت أنقرة إلى الاجتماع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي والدول التي صوتت بـ «نعم» على قرار الجمعية العامة الذي صدر في 16 شباط الماضي، وتبنى مبادرة الجامعة العربية التي تدعو بشار الأسد الى التنحي، وكما كان متوقعاً، فإن كلاً من روسيا والصين رفضتا تلبية الدعوة، إضافة الى ذلك، فمن المتوقع حضور 71، من دون تحديد مستوى تمثيلها، كما أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا، كوفي أنان، لن يحضر الاجتماع، إذ يُرتقب أن يخاطب مجلس الأمن في الأمم المتحدة في الثاني من نيسان، على أن يحضر اجتماع إسطنبول واحد من مساعديه. وبحسب مسؤولين أتراك، فإن جدول أعمال الاجتماع سيركز على إنهاء العنف، وسحب الجيش السوري من المدن، والمساعدات الإنسانية، إضافة الى بحث وضع اللاجئين الذين فرّوا من البلاد بسبب العنف. وأكّد هؤلاء المسؤولون أن أهداف اجتماع إسطنبول ومهمة أنان لا تتناقضان. وقالت المصادر لـ «الأخبار» إن كلتيهما تهدف الى إنهاء العنف، وبدء حوار سياسي من أجل التحول الديموقراطي. وأضافت إن خطة أنان التي تنطوي على بنود مبهمة تهدف الى جلب الدعم الروسي والصيني.
وقد دعمت أنقرة خطة أنان منذ البداية، لكنها شدّدت على أن تطبيق الخطة هو الأكثر أهمية، بحسب المصادر التركية. ويتوقع خلال اجتماع إسطنبول أن تُناقَش آليات دخول المساعدات الإنسانية الى سوريا، التي هي جزء من خطة أنان، لكن التفاصيل غير واضحة بعد. وهناك بعض المخاوف المتعلقة بتوزيع المساعدات الإنسانية، الذي لا يمكن تركه فقط للنظام السوري.
وضع اللاجئين السوريين سيكون حاضراً بقوة خلال الاجتماع، بعدما تجاوز عدد هؤلاء 18 ألف لاجئ في تركيا وحدها، موزعين على خمسة مخيمات في هاتاي، لكن بدأوا بإعادة الانتشار في المناطق الجنوبية الشرقية على الحدود، كغازي أنتب وكيليس. وقد أنفقت تركيا ما يقارب 100 مليون دولار عليهم، وقررت منذ البداية أن تتولى عملية الاحتياجات المالية بنفسها، لكن رغم ذلك، فقد قرر الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضية أن يقدم مساعدات مالية الى تركيا مع ازدياد عدد النازحين من سوريا.
وقد علق السفير الأميركي لدى أنقرة، فرانسيس ريكوردون، على الاجتماع، حين سُئل عن توقعاته، فقال «عندما نستيقظ صباح يوم الاثنين، لن نجد أن الأزمة في سوريا قد حلت، لكن الحلّ سوف يقترب». وأضاف إن تركيا سوف تكون فخورة بقدرتها على جمع وجهات نظر مختلفة في اجتماع إسطنبول. وأشار الى ان كلاً من تركيا والولايات المتحدة تعتقد أن التدخل العسكري هو الملاذ الأخير، والخيار الأقل رغبة فيه، قائلاً «هذه الأزمة يجب أن تحل من خلال العملية الدبلوماسية وفي إطار القانون الدولي. علاج الأزمة ليس سهلاً، ولا توجد أسئلة سهلة للحل. لهذا السبب نحن نتعاون عن قرب مع تركيا».
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، قد علقت على المؤتمر بالقول «سنواصل بحث ما يمكننا فعله على نحو اضافي لجهة العقوبات من اجل الضغط على النظام». وأضافت «وبالطبع سنتبادل وجهات النظر حول كيفية دعمنا لكوفي أنان، ولا سيما بخصوص النقطة المهمة المتعلقة بحمل الأسد على الوفاء بالالتزام الذي قطعه»، كما أعلنت أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ستحضر المؤتمر.
واتفقت تركيا والولايات المتحدة يوم الأحد المنصرم على الحاجة إلى إرسال مساعدة «غير عسكرية» إلى المعارضة السورية، بما يشمل أجهزة اتصال، فيما دعت السعودية وقطر الى تسليح المعارضة. وفي السياق، أوضح مصدر دبلوماسي أوروبي أن «المؤتمر لا يهدف الى العمل على نحو متواز مع مبادرة أنان، بل إلى تعزيز فرص تطبيقها». وأضاف إن «الاتحاد الأوروبي يريد أن يواكب المهمة الدبلوماسية التي يقوم بها أنان، وأن يرد بإيجابية اذا طلب الدعم». وسبق أن أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، على لسان المتحدث باسمها برنار فاليرو، أن اجتماع أصدقاء سوريا في إسطنبول سيسمح بالتحقق مما اذا كان الرئيس السوري يطبق أم لا خطة أنان. وقال فاليرو «بعد أشهر من الوعود التي لم تُحترم، ستحكم فرنسا والأسرة الدولية على أفعال (بشار الأسد)».
ورغم أن المحادثات حول تقديم مساعدة «غير عسكرية» إلى المعارضة السورية ستتواصل في إسطنبول، الا أن دبلوماسيين غربيين أبدوا تخوفهم من ان تسليح المعارضة يمكن ان يؤدي الى المزيد من القتلى في النزاع، واحتمال وصول الأسلحة الى متطرفين إسلاميين.