أعلن وزير الصحة محمد جواد خليفة السبت الماضي ظهور ثلاث حالات إصابات بأنفلونزا الخنازير في لبنان، إجراءات الوقاية باتت ضرورية إذاً في انتظار توافر اللقاح في الأسواق في تموز. منظمة الصحة العالمية منزعجة، فالمختبرات العالمية تعطي الأولية لإنتاج لقاحات للأنفلونزا الموسمية

غادة دندش
أعلن وزير الصحّة اللبناني الدكتور محمد جواد خليفة، ضرورة استخدام لقاح الأنفلوانزا الموسمية خلال شهر تمّوز، وعدم انتظار شهري أيلول وتشرين أول للقيام بذلك كما هي العادة. هذا التأكيد أعلنه خليفة في المؤتمر الصحافي الذي عقده لإعلان اكتشاف ثلاث إصابات بأنفلوانزا الخنازير في لبنان، وقال خليفة لـ «الأخبار» إن اللقاح الجديد بات متوافراً لدى منظمة الصحة العالمية، وإنه سيتوافر في الأسواق اللبنانية خلال شهر تموز.
وقد شدّد خليفة على ضرورة التزام الجميع بأخذ اللقاح باكراً هذا العام، وذلك لكي يسهّلوا على المختصّين إمكان التمييز بين الأنفلوانزا الموسميّة وأنفلوانزا الخنازير، إذا أصيبوا بإحداهما.
من المعروف أن مظاهر المرضين متشابهة جداً في المراحل الأولى من الإصابة بأي منهما، لذا يصعب تحديد الحالة في الأيام الأولى، ولا سيّما أن الفحوص المخبرية قد لا تعطي نتائج إيجابية عن الإصابة، رغم وجودها حتى اليوم الثامن من الإصابة، كما سبق أن أكّد خليفة. أما الفئات المعنية أكثر من سواها باستخدام اللقاح باكراً هذا العام، فتشمل العاملين في القطاعات الطبّية والصحّية (المستشفيات والعيادات الخاصة والصيدليات والمستوصفات وغيرها)، كذلك العاملين في المرافق العامة (المطارات والمرافئ وغيرها) والعاملين في المؤسسات على أنواعها، إضافةً إلى أفراد قوى الأمن والجيش. كما تجدر إضافة الفئات التقليدية التي تحتاج إلى هذا اللقاح بسبب ضعف جهاز المناعة لديها، كالكبار في السنّ والأطفال ومرضى الأيدز والقلب وغيرهم.
رغم أن الإصابات التي اكتُشفت في لبنان أصحابها أشخاص قادمون من الخارج، ورغم أنه ضُبط المصابون بها وعولجوا بسرعة وفعالية، فإنّه لا بدّ من الاحتراز والتيقّظ. الإجراءات الوقائية المعروفة تقتضي الابتعاد عن التلامس بين الأفراد قدر الإمكان، وتفادي الأماكن المزدحمة المغلقة، ومراجعة الطبيب فوراً في حال ظهور أية عوارض تشبه عوارض الأنفلونزا. ولا سيّما إذا ظهرت هذه العوراض لدى القادمين أخيراً إلى لبنان، أو من احتكّ بهم.
للتذكير فإن فيروس أنفلوانزا الخنازير يجمع بين حدّة الحالة المرضية مثل فيروس أنفلوانزا الطيور، وقابلية الانتقال عبر الهواء كما هي حال الأنفلوانزا البشرية.



بما أن جهاز المناعة البشري يجهل هذا الفيروس الجديد، يصبح إمكان انتشاره على نطاق واسع وبسرعة وارداً جدّاً. عوارض أنفلوانزا الخنازير لا تختلف عن تلك التي تصيب المريض في حالات الأنفلوانزا الأخرى. أهمّ هذه العوارض ارتفاع درجة الحرارة إلى ما فوق 38 درجة مئوية، والتقلّصات العضلية والسعال أو ضيق النفس أو الاثنان معاً، والجفاف في الحنجرة والسيلان في الأنف. قد تستمرّ هذه العوارض طوال سبعة أيام، وقد تتفاقم. وسبق لوزارة الصحّة أن أعلنت أن الدواء الذي يُستعمل لعلاج هذه الحالات «التاميفلو» موجود حالياً في مستودعات الوزارة. كما سبق للوزارة أن نظمت دورات تدريبية على خطط الجهوزية لمواجهة الطوارئ الصحية والأوبئة، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. وقد خضعت طواقم من معظم المستشفيات وشبكة مراكز الرعاية الصحية الأولية لهذا التدريب، وتتابع وزارة الصحة التدابير اللازمة للمراقبة والاحتواء عبر كل مرافق الدولة من مطارات ومرافئ ومعابر. من جهة أخرى، يجري التعاون مع وزارة الزراعة لمراقبة الثروة الحيوانية، ولا سيما مزارع الخنازير واتخاذ التدابير اللازمة في هذا الإطار.
بالطبع أبدت منظمة الصحّة العالمية بعض الامتعاض بسبب قيام المختبرات بإنتاج لقاحات الأنفلوانزا الموسمية على حساب أنفلوانزا الخنازير، لأن إنتاج هذه الأخيرة قد تأجل حتى الصيف المقبل، وذلك بسبب عدم قدرة المختبرات في مختلف أنحاء العالم على السير في إنتاج اللقاحين معاً.
من جهة ثانية، أعلنت المنظمة أن الطلبات التي قدمتها الدول الغنية لكمّيات اللقاحات التي تحتاج إليها تفوق القدرة الإنتاجية للمختبرات، لذا قامت الولايات المتحدة مثلاً بحجز كمّية من اللقاحات تبلغ ضعف عدد سكّانها. هذا الأمر سيضع الدول الفقيرة ودول العالم الثالث في سباق على فتات ما تبقّى من اللقاحات هذا العام.
في مراجعة أجرتها منظمة الصحة العالمية مع الأطباء في المكسيك للحالات التي أدّت إلى وفاة المصابين تبيّن أن المرض في مراحله الأخيرة يتمظهر عبر حالات البنومونيا الفيروسية الحادة والقصور الرئوي والتنفسي. كذلك تبيّن أن الوفيات كانت في معظمها بسبب التأخّر في تشخيص المرض. لذا من المهمّ جدّاً عدم إهمال أية حالة تظهر فيها العوارض المذكورة آنفاً وذلك عبر مراجعة الطبيب فوراً.