جوانّا عازار
الخضار لم تعد دائماً صحية، فالمبيدات والأدوية الزراعية التي ترش عليها تفلت غالباً من عين الرقيب. في أدراج مجلس النواب قانون يعالج هذا القصور، إلا أنه ما زال ينتظر انعقاد الجلسة

بعض الأدوية الزراعيّة التي ترشّ على الخضار تحتوي على مواد تحتاج إلى أربعة أسابيع لتتفكّك، وهي تترسّب في جسم الإنسان مسبّبة أمراضاً قد تبدأ بالإسهال لتنتهي في بعض الأحيان بتسبيب مرض السرطان وأمراض في القلب، وخاصّة أنّ بعض المبيدات الجهازيّة تدخل من الجذور أو الورق لتصل إلى الثمار. هذا ما شرحه رئيس فرع المهندسين الزراعييّن في نقابة المهندسين سعيد عون.
مادّة الـ«Methyl Bromide» مثلاً الممنوعة عالميّاً، التي عملت الأمم المتّحدة على استبدالها لأنّها تؤدّي الى رواسب وهي من أكثر الأدوية سموماً وأكثرها خطورة وتؤثّر أيضاً في طبقة الأوزون ما زالت تستخدم في لبنان رغم صدور قرار عن وزارة الزراعة في أواخر عام 2006 يقضي بإلغاء استخدامها. فقد بقيت رخص استيراد هذه المادّة التي أعطيت للتجّار قبل صدور القرار سارية المفعول. من هنا كان اقتراح القانون المتعلّق بتنظيم تجارة استيراد المستحضرات الزراعيّة وبيعها، الذي بدأ العمل فيه منذ 4 سنوات، وتسلّمه عون منذ ثلاث سنوات وعُدِّلَ بالاشتراك مع وزارة الزراعة، «فيما يسعى تجّار المبيدات والأدوية الزراعيّة الكبار إلى إفشاله لكونه يخالف مصالحهم الخاصّة».
يشدد القانون على تولّي المهندس الزراعي أمر الإشراف على طريقة استخدام الأدوية الزراعيّة، المبيدات والأسمدة. فالمهندس الزراعي هو «الطبيب» الذي يصف الدواء تحت وصفة حسب نوع المرض، وذلك بعد تشخيصه، بحيث يكون المهندس ممثلاً لنقابة المهندسين الزراعيين.
ولعل أبرز ما يطرحه هذا القانون، الذي لا يزال يتابع في اللجان النيابيّة ليصل إلى مجلس النوّاب فور انعقاده، هو فصله الثالث المتعلّق ببيع المستحضرات الزراعيّة وحظرها، إذ يحدّد في مادّته السادسة عشرة أنّ «على وزير الزراعة أن يصدر قراراً بمنع تداول أيّ مستحضر زراعيّ إذا اتّضح له أنّ استعماله قد ألحق ضرراً أو قد يلحق ضرراً بالسلامة العامّة أو أنّه عديم الفائدة أو إذا توقّف بلد المنشأ عن بيعه، مع تأكيد تطبيق قرارات وتوصيات منظّمة الصحّة العالميّة ومنظّمة الأغذية العالميّة والمنظّمات الزراعيّة الدوليّة بهذا الشأن. كما تقوم الدوائر المختصّة في وزارة الزراعة بسحب عيّنات مشبوهة من المراكز الزراعيّة أو من المستودعات أو المعامل وتحلّلها في مختبر رسميّ، وإذا تبيَّن وجود أيّ خلل يتّخذ وزير الزراعة قراراً بتلف المستحضر الفاسد ويعاقب المسؤول عن الغشّ والإهمال».
وبحكم هذا القانون، تُعَدُّ مبيداً زراعيّاً الهورمونات وجميع المواد المنظّمة للنموّ أو للحمل أو الإكثار على النباتات باستثناء الأسمدة على اختلاف أنواعها والمواد المستعملة لتأمين العناصر الغذائيّة الثانويّة المساعدة. كما تُعَدُّ أسمدة زراعيّة كلّ الأسمدة البسيطة والمركّبة والعضويّة المصنّعة والعضويّة الطبيعيّة».
كما يحدّد القانون دور المفتّشين في المادّة السابعة عشرة من الفصل الرابع المتعلّق بالتفتيش بالقول: «يعتبر الموظّفون المفتّشون في أقسام المراقبة ذات العلاقة (مبيدات وأسمدة) مفتّشين لإثبات أيّ مخالفة لأحكام هذا القانون». هذا ويحدّد الباب الخامس من القانون العقوبات، بحيث تشرح المادّة الواحدة والعشرون أنّ «كلّ مخالفة لأحكام هذا القانون والنصوص التي تصدر تطبيقاً له، وبعد تحقّق المجلس التأديبي في نقابتي المهندسين في لبنان منها بناء على شكوى من وزارة الزراعة أو النيابة العامّة الاسئتنافيّة أو أحد المتضرّرين، يعاقب مرتكبها: بوقف الترخيص المعطى له لمدّة ستّة أشهر، بإلغاء الترخيص في حال تكرار المخالفة والتثبت من أنّها مقصودة».
يمثّل طرح هذا القانون بادرة طيبة، ويعبّر عن حسن نية رسمية في احتواء المشكلة، إلا أن الخوف يكمن في تنفيذه بعد إقراره، إذ إن من غير المستبعد أن ينضم إلى قافلة القوانين التي أقرتها الدولة اللبنانية بهدف حماية المستهلك ولم تنعم بآليات تطبيق ومحاسبة فعالة.