ثائر غندور
يقول أحد المراقبين إن النائب ميشال عون أكْثَر من طرح المبادرات منذ عاد إلى لبنان، والحياة السياسيّة اللبنانيّة لم تتعوّد هذا الكمّ من المبادرات في فترة زمنيّة قصيرة لكونها كانت مرتهنة لقرارات الجنرالات السوريين الذين يقرّرون مسار السياسة الداخليّة في لبنان.
من هنا، يُمكن فهم موقف نائب القوّات اللبنانيّة أنطوان زهرا والوزير جان أوغاسبيان الرافضين لمبادرة عون الأخيرة «وثيقة الطروحات المسيحيّة». كذلك تجنّب حزب الكتائب التعليق عليها.
ينطلق رفض القوّات اللبنانيّة من أن المبادرة تتجاوز اتفاق الطائف وثوابت بكركي. لذلك يقول زهرا إن أي نقاش لها مرفوض «لأنّنا لا نناقش ما يتجاوز ثوابت بكركي». ويقول زهرا إن هذه الثوابت التي وقّعها عون والوزير السابق ميشال المر، تنقسم شقاً وطنياً يُجمع عليه الكل، وشقّاً مسيحياً تتجاوزه وثيقة عون. كما يراها زهرا خارج السياق السياسي المعقول حالياً، معتبراً إيّاها محاولة من عون لتجييش الشارع المسيحي واستنهاضه. ويقول إن توقيتها يُنتج توتيراً في الشارع اللبناني. ويشدّد على أن ما جاء في الوثيقة يدلّ على توجّه صوب فديراليّة طوائف، «وهو أمر خطِر».
ويوافق أحد أعضاء لقاء 14 آذار على هذا التشخيص، «لأن عون يريد أن يستعيد المبادرة بعدما سحبها من يده إعلان قوى 14 آذار ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهوريّة».
في المقابل، يقول الوزير جان أوغاسبيان، المقرّب من تيّار المستقبل، أن هذه الوثيقة خروج على اتفاق الطائف، ويرى أنّها قد تستحق مناقشتها سياسياً وقانونياً «ولكن بعد انتخاب رئيس الجمهوريّة».
ويرى أوغاسبيان أن وثيقة عون تُعيد النظر في اتفاق الطائف والنظام اللبناني بأكمله. ويعترض خصوصاً على الجزء المتعلّق بالديموقراطيّة داخل كلّ طائفة والتوافق بين الطوائف الثلاث الكبرى انطلاقاً من اعتبار أن كلّ طائفة تختار زعيمها. ويرى أن هذا الرأي خطير لأنّه يؤدي إلى المثالثة، مما يلغي دور الأقلّيات. ويرى أن الديموقراطيّة والأكثريّة والمعارضة «هي شأن وطني لا طائفي». ويتساءل: هل يريد عون أن تختار كل طائفة مديريها العامين وموظفيها ونوّابها؟».
لكنّه يشير إلى وجود نقاط يقر بها الجميع، مثل رفض الأمن الذاتي، شراء الأراضي وتبديل هويّتها، رفض التوطين، حلّ عادل للقضية الفلسطينيّة، العدالة الاجتماعيّة وحقوق الإنسان.
ويضيف أوغاسبيان إن المشكلة تكمن في التوقيت الذي اختاره عون، «نحن في لحظة نحتاج فيها إلى انتخاب رئيس جمهورية لملء الفراغ الحاصل الذي بات ينذر بالخطر الشديد، والظرف غير ملائم إطلاقاً لإجراء بحث عميق في الدستور».
ولفت موقف عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب ورئيس مجلس الأقاليم ميشال مكتّف الذي رفض التعليق على الوثيقة، «لأن العلاقة بيننا (الأحزاب المسيحيّة) خربانة، ونريد أن نجمع القوى لا أن نزيد التوتر في العلاقات»، لكّنه شدّد أن علاقة الكتائب بالتيّار الوطني الحرّ «جيّدة في هذه الفترة».