strong> وفاء عواد
عشية الجلسة المقرّرة لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد، وفيما كانت كل المعطيات تشير إلى حتمية تأجيلها، أطلق عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا مبادرة على خطّ المساعي الجارية لـ«حلحلة» موضوع الاتفاق على رئيس الحكومة المقبل، بما يضمن «التوازن» في مبدأ المشاركة.
وبعيداً عن هموم التأجيل «المؤكّد»، حسب قوله، و«لا مشكلة إن تأجّلت أسبوعاً، لمصلحة الوفاق وتكوين سلطة جديدة متوافق عليها»، أوضح نقولا لـ«الأخبار» أن مبادرته تقضي بأن يجري مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قبّاني مشاورات في إطار مختلف فئات الطائفة السنيّة، توصّلاً إلى طرح خمسة أسماء مرشّحة لتولّي منصب رئاسة الحكومة... بعد ذلك، تعرض لائحة الأسماء على كل من: رئيس مجلس النواب نبيه برّي «راعي عملية المشاورات»، الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله «المتضرّر من التهميش الحاصل على خطّ الحكومة»، ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «المتضرّر من التهميش الحاصل على خط رئاسة الجمهورية»... وذلك، ليصار إلى اختيار اسمين من اللائحة، تحضيراً للمشاورات التي سيجريها رئيس الجمهورية المقبل.
وبانتظار أن تلقى مبادرته الجواب الملائم، إن إيجاباً أو سلباً، اقترح نقولا لائحة من الأسماء المعنية بمبادرته، ومنها: الرؤساء سليم الحص وعمر كرامي ونجيب ميقاتي، الوزير السابق عبد الرحيم مراد، النائب أسامة سعد، رئيس اتحاد بلديات صيدا عبد الرحمن البزري، النائب السابق تمام سلام، آل الصلح، رئيس «جبهة العمل الإسلامي» الداعية فتحي يكن، ورئيس «حزب الحوار الوطني» فؤاد مخزوميوفي أول ردّ على هذه المبادرة، أبدى سلام أسفه حيال الاقتراح «الهمايوني»، إذ «ما يطبّق على رئاسة الجمهورية، لا يطبّق على رئاستي مجلس النواب والحكومة»، واضعاً المبادرة «البدعة» في خانة «لزوم ما لا يلزم»، وخاتماً كلامه بتوجيه النصيحة لكل من «يريد ضرب السنّة ببعضهم»: «خيّطوا بغير هالمسلّة».
وانطلاقاً من إيمانه بضرورة تحييد رجال الدين وتنزيه أدوارهم عن هموم السياسة ومطبّاتها، لا يحبّذ مراد مثل هذه الاقتراحات، وذلك «خوفاً من أن تصبح المرجعيات الدينية هي المعنيّة باختيار الرؤساء، بمناصبهم الأهم دستورياً، وبوضع قانون الانتخابات، وغيرها من المسائل، بما يلغي أدوار الجميع»، مشدّداً على ضرورة «حصر موضوع اختيار الرؤساء بالمرجعيات الدستورية».
ورأى مراد أن المطلوب يكمن في «إما العودة إلى الرأي العام اللبناني، أو أن يتمّ التوافق على حكومة ائتلافية تشرف على وضع قانون جديد للانتخابات النيابية».

التأجيل

وبعيداً عن مبادرة النائب نقولا، وفيما اللبنانيون باتوا ينامون على تأجيل ويصحون على تأجيل آخر للجلسة الموعودة التي تقرّر مصير الرئاسة الأولى، يرى النائب محمد الحجّار أن الأمور «رايحة باتجاه جيّد»، و«أمور الآلية الدستورية للتعديل قطعت شوطاً كبيراً»... وما على الفاخوري إلا «إنو يدير إدن الجرّة متل ما بدّو».
وإذ رأى أن «كل الأمور مرهونة بالقرار السياسي»، حمّل الحجّار المعارضة مسؤولية التأجيل الذي تشهده جلسات انتخاب الرئيس العتيد، وذلك بانتظار «أن يعترف حزب الله والنائب ميشال عون بأن مصلحة لبنان هي فوق كل المصالح الأخرى»، و«لا مشكلة إذا كان التأجيل الجديد يصبّ في مصلحة إيجاد الحلّ المطلوب».
من جهته، استغرب النائب هادي حبيش كل ما يحكى عن «سلّة متكاملة»، وتساءل: «هل نحن في دولة عشائر؟.. وما معنى وجود الدستور إذن؟»، مقترحاً أن تكون فاتحة الحلول «توقيع عريضة نيابية (5 موالاة و5 معارضة، أو 4 بـ4 إضافة الى محايدَين) للمطالبة بتعديل الدستور»، بما يضمن «تسيير الأمور، بعيداً عن التفاصيل الصغيرة».
«لا تطورات إيجابية، والجلسة أصبحت في حكم التأجيل»، بهذه العبارة لخّص النائب إيلي عون رؤيته لما يجري، قائلاً: «نحن دخلنا في مخاض، شروطه شبه تعجيزية من جهة المعارضة».
وإذ اقترح «عدم تكبيل الرئيس الذي تمّ التوافق على اسمه، العماد ميشال سليمان، بخيارات مسبقة، والاكتفاء بمجرّد إعلان النوايا»، أشار عون إلى أن الآتي سيشهد تأليف حكومة اتحاد وطني، فـ«الطبخة استوت في الأذهان، أما أكلها فرهن بالوقت الملائم»، خاتماً بالقول: «لا للشروط المسبقة.. لا للتوافق على السلّة الكاملة».
في المقابل، طالب النائب حسن يعقوب بضرورة تخلّي الفريق الآخر عن «التعنّت والاستئثار»، تماماً كما تخلّت المعارضة عن مرشّحها الوحيد النائب ميشال عون، مؤكّداً أن مبادئ التوازن والعدالة والشراكة هي التي تتيح للرئيس العتيد «أن يكون مرتاحاً»، و«تكرّس منطق اللا غالب واللا مغلوب»، مضيفاً: «نحن نعمل من أجل أن يكون الرئيس العتيد راعياً للشراكة، التي لا يمكن أحداً أن يتجاوزها أو يتشاطر بأمرها، لأن جوانبها معروفة وتفاصيلها باتت واضحة».
بدوره، جدّد النائب حسن حبّ الله التأكيد على أن «نوّاب المعارضة لن يدخلوا الى قاعة البرلمان ليقترعوا، إلا في حال حصول التوافق»، لافتاً الى ضرورة الاتفاق على السلّة الواحدة (رئيس الجمهورية، الحكومة، البيان الوزاري، والمشروع السياسي للعهد الجديد)، وإلا «شو منرجع ننصب خيم مرة تانية؟». وإذا كانت مرّات التأجيل باتت مثل «حبّات المسبحة»، يقلّل حبّ الله من هذا الأمر إذا كان يصبّ في «خانة المعالجة النهائية، لا الترقيع».
ولأن «الطبخة ما زالت على النار»، يستشرف النائب مصطفى حسين الأيام الآتية بالقول: «لا انتخابات هذه السنة... وستمرّ الأعياد على لبنان من دون رئيس»، غامزاً من قناة أن يلحظ الاتفاق على السلّة الكاملة تمثيل الطائفة العلوية في الحكومة المقبلة، إذا كانت ثلاثينية، بغضّ النظر عن الحقيبة التي تسند إليها مهماتها.
وفي خضمّ هذه الأجواء، يكتفي أحد النوّاب باستذكار تفاصيل حادثة أخبره بها أحد السياسيين الذي كان مدعواً قبل أشهر إلى حفل عشاء في حضور السفير الأميركي جيفري فيلتمان: «سأله أحدهم عن موعد انتخاب رئيس الجمهورية، فردّ فيلتمان: في 24 كانون الثاني. فتولّى أحد الحضور مهمة تصحيح ما رآه خطأ ما، قائلاً: تقصد 24 تشرين الثاني. فما كان من فيلتمان إلا أن أعاد تذكير الحضور بأن موعد وصول الرئيس إلى قصر بعبدا لن يكون قبل 24 كانون الثاني». فهل تصدق «تنبّؤات» فيلتمان؟