strong>غسان سعود
•حزب «الله والوطن والعائلة» انتصر على «العام الأصعب» ويمضي خلف سامي الجميّل

ترسّخ عند الكتائبيين المشاركين في المؤتمر الأخير الاقتناع بأن وقتاً طويلاً سيمضي قبل أن يخرج من صفوفهم قادر على ملء كرسي الوزير الراحل بيار، ولعب جزء، ولو صغيراً من دوره في إحياء الكتائب ولم شمل المحازبين وتوسيع المؤسسة

جهدت قيادة الكتائب في المؤتمر الاستثنائي الذي عقده الحزب نهاية الأسبوع الماضي لوضع اغتيال الوزير بيار الجميل والنائب أنطوان غانم وسقوط أمين الجميل في المتن الشمالي ـــــ عرين الكتائب ـــــ جانباً، علَّها تنجح في رفع المعنويات ودفع المشاركين للتطلع إلى الأمام ومقاربة المؤتمر كخطوة تأسيسية لاستنهاض الهمم ووضع قطار سامي الجميل على السكة الصحيحة لاستعادة الحزب قليلاً من دوره.
وأقرت القيادة، بحسب عضو المكتب السياسي ساسين ساسين، تعديلات عدة «مهمة جداً» على النظام الداخلي. وكان معظمها محل إجماع عند المشاركين لشعورهم، وعددهم يتخطى الأربعمئة، بحاجة الحزب إلى إصلاحات كثيرة، «كان بيار ينتظر إقرار بعضها بحماسة كبيرة». ويوضح ساسين إقرار المشاركين إلغاء مراكز الرئيس الأعلى للحزب، النائب الثالث للرئيس، نائبي الأمين العام (من أصل 3)، وخفض عدد أعضاء المكتب السياسي إلى 22، شارحاً أن هدف ذلك زيادة فعالية الاجتماعات. كما تلقى رؤساء الأقاليم دفعاً معنوياً لمضاعفة تنظيم صفوفهم ووضع الأطر التي تتيح لهم استقبال أكبر عدد ممكن من الراغبين بالانتساب إلى الحزب الذي يرفع منذ تأسيسه شعار «الله، الوطن، العائلة».

خروج بقرادونيويتوقف أحد أعضاء المكتب السياسي المستقيلين عند خيبة زملائه بالبيان الختامي للمؤتمر والتقرير السياسي، معبرين عن توقعهم تبني الحزب مبادرة تعرض حلاً متكاملاً يوفق بين الأطراف ويقدم ضمانات للرئيس العتيد فتستعيد الكتائب موقعها المتقدم بالنسبة إلى قصر بعبدا.
ويقول المقربون من بقرادوني إن الحزب سيعرف قيمة «صانع الزعماء» قريباً حين يباشر بقرادوني حركته السياسية الجديدة.

حول سامي

من جهة أخرى، يقول بعض الكتائبيين إن المؤتمر الأخير ظهّر موازين قوى جديدة داخل الحزب (ميشال مكتف ـــــ سامي الجميّل ـــــ أمين الجميّل) الأمر الذي ينكره ساسين الذي يؤكد إظهار المؤتمر انسجاماً كبيراً بين مختلف الكتائبيين، فيما يقول آخرون، يرفضون الكشف عن أسمائهم، إن توصيات المؤتمر ومقرراته العملية أظهرت أن الخاسر الأكبر و«الحلقة الكتائبية الأضعف» هو سامي الجميل، الذي كان يفترض أن يكون الرابح الأكبر من المؤتمر الذي سعى الجميل الابن بكل نفوذه لتسريع انعقاده. ويرى هؤلاء أن سامي فشل في تسويق مبادئه الفدرالية، وأظهر الانقسام الكتائبي الكبير حول الفكرة، بعدما كان قد أكد في كلمته خلال الجلسة المغلقة أنه ليس ضد الميثاق، لكنه ضد الصيغة. ولم يتردد الابن الأصغر لرئيس الجمهورية السابق في تأكيد استعداد بعض الكتائبيين للتصدي بأيديهم لمن يتدخل مفتناً بين كتائبي وآخر (غامزاً بذلك من قناة الصحافيين). وقال أحد أعضاء المكتب السياسي المقربين من سامي إن التعايش فرضية ملتبسة و«يجب ألّا نبالغ في التوهّم بالدور الرسالي للصيغة»، مقدّماً اعتذاره إلى البطريرك الياس الحويك والشيخ بيار الجميل والبابا يوحنا بولس الثاني لسقوط رؤيتهم الاجتماعية عن قدرة الطوائف على العيش معاً بسلام، علماً بأن الرئيس أمين الجميّل اضطر إلى التدخل مراراً لتجنيب سامي ردود الفعل السلبية التي قوبلت بها معظم اقتراحاته. فحسم الجميل الأب الجدل حول اقتراح سامي تقسيم كل إقليم قطاعات، بالتأكيد أن هذا الأمر سيكون بعد استشارة رؤساء الأقاليم، وهو ما كان سامي يرفضه. وتوسط الرئيس الجميل مع المجتمعين لإقرار اقتراح سامي بإناطة صلاحيات الحزب العملية بالهيئة المركزية التي تضم المكتب السياسي ورؤساء الأقاليم ورؤساء المجالس، واعداً بإقرار المكتب السياسي لنظام الهيئة المركزية. وشهد المؤتمر مواجهة كلامية بين رئيس الأقاليم ميشال مكتف وسامي الذي حاول إمرار اقتراح يقضي بتأليف المكتب السياسي من 16 عضواً ينتخبون بدورهم ستة أعضاء يكونون مُعفَيْن من شرط الانتماء لحزب الكتائب منذ أكثر من عشر سنين، إذ شعر مكتف المنتسب وأصدقاء بيار إلى الحزب في عامي 2005 و2006 أن في هذا البند خطة لإقصائهم عن المكتب السياسي بعد أربع سنوات بحجة أن عمرهم في الحزب تسع سنين فقط. وقد حاول سامي والمقربون منه تعديل المادة في النظام الكتائبي التي تنص على العلاقات الجيدة مع الدول العربية، لكن الرئيس الأعلى تدخل مجدداً وقال إنه سوّى النص مع بقرادوني. وكان الرئيس الجميل قد تدخل بشكل جازم مع سامي لوضع حد لكلام كان ينوي التعرض به لرفاق كتائبيين، علماً بأن التوصيات السياسية لم تُناقش وسمعتها قيادة الكتائب حين أذيعت فقط.
وعلى هامش المؤتمر، يرى الكتائبيون أن تجربة العام المنصرم كانت قاسية كثيراً بحقهم، ويؤكدون عبورهم عاصفة كانت كفيلة باقتلاع أي حزب آخر من جذوره، فيما صمد «حفّار الصخر» وحافظ على «وجوده الحر» متمسكاً بمبادئه.

تدوير
الزوايا


لم يقتنع معظم المشاركين في المؤتمر بقدرة سامي الجميّل التنظيمية على إنعاش الحزب. ورغم الهالة التي أحاط سامي نفسه بها، شعر الحاضرون بالفرق الشاسع بينه وبين بيار الذي كان يتمتع بجاذبية. وكان الرئيس الجميل قد اضطر للتدخل مراراً، محاولاً شرح ما يريد سامي قوله، وتدوير الزوايا، والغمز يميناً ويساراً لإمرار الاقتراح. ويتوقف بعض الكتائبيين عند «محاولة سامي ملء فراغ خبرته السياسية المتواضعة بتجاهل كبار الكتائبيين والتعامل معهم بخفّة»، علماً بأن دائرة مهمة من الوجوه الكتائبية البارزة بدأت تتحلق حول سامي الذي دعا في كلمته المرتجلة إلى ابتداع حلول جديدة أسوة بكتائبيي عام 1936، بعدما تبين أن «الصيغة السابقة سقطت وبات محتوماً على كل مجموعة طائفية إدارة شؤونها بنفسها».