strong>على الرئيس المقبل، سواء كان هو أو هي، الوفاء بكل الالتزامات الدولية
اختتم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، زيارته إلى لبنان، بتوجيه رسالة إلى كل من التقاهم «أنه يجب انتخاب الرئيس ضمن الوقت المحدد ووفقاً للأصول الدستورية، ومن دون أي تدخل أجنبي ومن خلال احترام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة»، حاصراً بالقادة اللبنانيين مهمة «إيجاد حل بأكبر قدر من الإجماع، ومن خلال الوسائل الديموقراطية والسلمية». ورأى أنه «بعد الانتخابات الرئاسية، يجب تأليف حكومة جديدة وتعيين رئيس وزراء أيضاً وفقاً للقواعد الدستورية، ومن دون أي تدخل أجنبي».
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده بان في المطار قبيل مغادرته لبنان، في حضور وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ، ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن، الممثل الخاص للأمين العام في لبنان غير بيدرسون ومستشاره لين باسكو.
وبعد كلمة مقتضبة لصلوخ، تمنى فيها أن تكون لقاءات بان قد «أعطت النتائج المرجوة لما فيه مصلحة لبنان»، تحدث المسؤول الدولي معلناً أن اجتماعاته كانت «ناجحة وبنّاءة جداً مع جميع من التقيت بهم». وذكر أنه هنّأ الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري «بجهودهما العظيمة لحل أزمة انتخاب رئيس جديد في لبنان». كما رأى أن دعم البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير «كان مهماً لحل الأزمة السياسية التي تواجه الديموقراطية اللبنانية».
وحضّ على انتخاب رئيس جديد «يُظهِر مسؤوليات كبيرة ليواجه التحديات في المستقبل، ولربما تكون هذه التحديات خطيرة، وتتطلب مهارات عظيمة أيضاً وشجاعة كبرى، وهي ستكون، لمن لم يتم انتخابهم ومن يدعمهم أيضاً، مهمة، لمساعدة البلاد في المضي قدماً، وعليهم احترام الانتخابات، وعلى كل الشعب اللبناني دعم رئيس الدولة الجديد المنتخب وفقاً للمبادئ الديموقراطية والشرعية الدولية».
وأبدى ثقته بإنجاز الاستحقاق «بطريقة ديموقراطية لا يشوبها أي عنف»، محذراً من أن «المرحلة مصيرية لهذا البلد العظيم، وإن لم يتم تحمل المسؤوليات الصحيحة يمكن أن يصل إلى الفراغ».
وقال: «حان الوقت للرئاسة، رئاسة الدولة الجديدة، ولإظهار مهارة يشتهر بها هذا البلد، ليضع كل القادة اللبنانيين مصالح بلدهم قبل المصالح الشخصية والطائفية أيضاً. وإنني أترك لبنان، وأنا أشعر بأمل كبير وأطلب وأحثّ كل القادة في لبنان على القيام بالعمل الجيد».
ورداً على ما قيل أخيراً عن مستقبل «اليونيفيل»، قال: «هي هنا، وباقية ما دام هنالك حاجة لذلك»، مشيراً إلى أنه التقى قائد هذه القوات الجنرال كلاوديو غراتسيانو.
ورداً على سؤال، أعرب عن إيمانه «بالحكمة وبالقيادة السياسية لجميع اللبنانيين الذين يعملون من أجل مستقبل لبنان»، مشيراً إلى أنهم «على مفترق طريق هام، ليس فقط من حيث انتخاب الرئيس، بل وفقاً لما يقومون به الآن»، وأن «كيفية التعايش مع هذا الوضع، ستكون فارقاً لمستقبل البلاد». وقال إن الأمم المتحدة «ستحترم أي مرشح وأي رئيس وفقاً للشرعية الدولية والإجراءات الدستورية، وسيحظى بأكثر دعم ممكن»، آملا «أن يقوم الرئيس المقبل، سواء كان هو أو هي، بالوفاء بكل الالتزامات الدولية».
وأسِف للإشكال في مخيم برج البراجنة الذي وصفه بأنه «إطلاق نار على أحد المعسكرات الفلسطينية». وحثّ «الجميع على الامتناع عن اللجوء إلى هذه الطريقة، فكل خلافات الرأي يمكن أن تحل بطريقة سلمية ومن خلال الحوار»، مضيفاً: «لا أعتقد أن هذه الحادثة ستمس العملية المستمرة في انتخاب الرئيس».
ورداً على سؤال عن الوضع في الجنوب واليونيفيل، قال: «إن هذه الناحية تمثّل مصدر قلق لنا، وخصوصاً بالنسبة إلى حالة عدم الاستقرار التي تشهدها منطقة جنوب لبنان، وأحث الأطراف كافة على الالتزام بقرارات مجلس الأمن، بهدف تحقيق الأمن والسلام في المنطقة».
وكان بان قد استهل نشاطه أمس بالتوجه إلى بكركي على متن طوافة للقوات الدولية، واجتمع مع صفير في حضور بيدرسون ولارسن وباسكو، والمطارنة رولان أبو جودة وسمير مظلوم وشكر الله حرب. وتخللت الاجتماع خلوة بين صفير والمسؤول الدولي.
واستقبل بان في فندق الموفنبيك النواب: صولانج الجميل، محمد قباني، فيصل الصايغ وسيرج طور سركيسيان، وعميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده. ثم وفداً من الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب وليد جنبلاط، يرافقه الوزيران مروان حمادة وغازي العريضي، ونائب رئيس الحزب دريد ياغي.
بعد اللقاء، ذكر جنبلاط أن الوفد شكر بان على الجهود في شأن المحكمة، وأبلغه عن تفويض النائب سعد الحريري «في ما يتعلق بالوصول مع رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري للترجمة العملية، وفق الأصول الدستورية في المجلس النيابي، لانتخاب رئيس للجمهورية وفق إرادة التوافق التي أملاها ونحترمها ويصرّ عليها البطريرك صفير والمجتمع الدولي الذين كلّفوا فرنسا بالترجمة العملية من أجل الوفاق اللبناني والتوافق من أجل الاستحقاق الدستوري».
كذلك التقى بان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي قال إن الحديث تناول مواصفات الرئيس المقبل، «وكان هناك تطابق في وجهات النظر بحيث تكون المواصفات مطمئنة لجميع اللبنانيين». ورأى أن إمكان التوافق قد «يكون مئة في المئة، أو صفر في المئة، بحسب ما يطرح»، محذراً من «أن أي مشكلة في لبنان سيكون ضحيتها المجتمع المسيحي، وسيكون أول المتضررين».
والتقى أيضاً الرئيس أمين الجميل الذي عوّل على اتصالات بان الخارجية لدعم المبادرة الفرنسية. ونقل عنه تشجيعه القيادات اللبنانية «على وعي مسؤولياتها في هذه المرحلة، وتسهيل كل المبادرات»، وحرصه «على انتخاب رئيس قادر على أن يعزز السيادة والوفاق، ومن جهة ثانية قادر على أن يحقق تعاوناً كاملاً مع الأمم المتحدة (...) لتقدر على أن تقوم بواجبها في لبنان، ويكون هناك تفاعل بين الشرعيتين اللبنانية والدولية».
واتصل بان بالنائب ميشال عون، الذي ذكر بيان للتيار الوطني الحر أنه حدّد 4 احتمالات: التوافق على الرئيس وهذه نهاية سعيدة، حكومة انتقالية إنقاذية تكون مخرجاً مشرّفاً للجميع، بقاء الحكومة الحالية واستمرار الأزمة، وانتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً مما يعدّ انقلاباً على الدستور.
كذلك التقى الوزير المستقيل محمد فنيش، الذي لفت إلى تأكيده، خلال اللقاء، على أولوية الوفاق، وأن يكون الاستحقاق الرئاسي منطلقاً «لتحقيق الشراكة في السلطة التنفيذية المقبلة». وأمل «أن تنجح كل هذه الجهود، وأن يسود التعقل والاحترام التوازنات القائمة، وأن يكون هناك إقرار لمبدأ الشراكة»، مشيراً إلى أنه نبّه المسؤول الدولي «إلى خطورة أن يُتجاوز الدستور أو يُستولى على السلطة بغير مشروعية دستورية».
وأعلن أنه جرى التطرق إلى «مسألة الخروقات الإسرائيلية اليومية»، وأعرب عن التقدير لدور بان «في ما يتعلق بمسألة الأسرى، وخصوصاً التبادل الأخير الذي كان للأمين العام الدور الإيجابي في تسهيله».
وكان بان قد التقى مساء الخميس الوزيرة نائلة معوض، التي أعلنت الالتزام بالمبادرة الفرنسية، و«أي لائحة تصدر عن بكركي». وقالت إنها طالبته «بحماية دولية لإجراء الاستحقاق الرئاسي إذا أصرّ النظام السوري، بالرغم من كل المبادرات الدولية، على نسف الاستحقاق بهدف التعطيل والفوضى».
أما رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فقال إنه ركّز مع بان على موضوع مزارع شبعا «لأهميتها بالنسبة إلينا، وخصوصاً في ما يتعلق بالاستقرار والسلام في الجنوب»، وعلى وجوب «أن يكون هناك رئيس للبنان في المهلة الدستورية، أي رئيس ينتخبه المجلس النيابي، وطبعاً الأمم المتحدة ستعترف به» .
(وطنية)