strong>وفاء عواد
  • المنبر يفتقد «نجوم» التصعيد... والمعارضة تردّ

    على «مناشدة» الموالين بـ «الثوابت» افتقد منبر مجلس النواب، أمس، «نجوم» التصعيد... و«غُيّبت» العريضة التي كانت تنتظر تواقيع نوّاب «الأكثرية»، والتي كان يفترض بها أن تتضمّن مطالبة الأمم المتحدة بإقرار المحكمة ذات الطابع الدولي. وذلك في ثالث تحرّك ينظّمه النوّاب الموالون كل صباح ثلاثاء، منذ بداية عقد آذار العادي، وسط حضور كثيف لنواب الموالاة والمعارضة على حدّ سواء

    في ظل «تغييب» العريضة التي تردد أن نواب الأكثرية كانوا ينوون توقيعها لرفعها الى الأمم المتحدة من أجل إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي، الى حدّ نفي وجودها إلا في «حكي الجرايد»، لم تصدق «التنبؤات» التي سبقت التحرّك النيابي الأكثري الثالث أمس، والتي كانت تشير الى إمكان التصعيد المفصلي، فخلا المشهد من أي مفاجآت، ما أحاله الى مشهد عادي بامتياز، لم يخرق هدوءه سوى بيان (مذكّرة) أعدّه نوّاب الموالاة «مسبقاً» وتلاه باسمهم نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، ناشدوا فيه الرئيس نبيه بري «التفضّل الى المجلس، وفتح الجلسة وترؤّسها»، معلنين استعدادهم مشاركته المسؤولية والتعاون معه من أجل «خلاص لبنان».
    وفي إطار أجواء الموالين، كانت لافتة «استراحة» رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط من مهمته كـ«قائد»، ففضّل الجلوس في صالون النوّاب، المقابل للقاعة العامة التي بقيت بعيدة عن التصريحات والصور التذكارية أمام أبوابها، ولم يبارح الزاوية التي اختارها حتى انصرافه، ما لم يوفّر له فرصة الاستماع للبيان الذي ألقاه عضو «كتلة التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا باسم النوّاب المعارضين.
    في المقابل، التزم النواب المعارضون الـ35 الذين غادروا مكاتبهم واتجهوا الى بهو المجلس النيابي، بقرار مسبق اتخذوه بعد مشاورات وقضى بالردّ وفق «قاعدة حماية المؤسّسة الشرعية المتبقية (مجلس النواب) من أي محاولات لتعطيلها»، ما استدعى منهم اتباع مبدأ «العين بالعين، والسنّ بالسنّ»، فجاء بيانهم ـــــ الردّ الذي أعدّوه خلال تحرّك زملائهم، والذي تلاه باسمهم نقولا، بمثابة دعوة مباشرة الى عودة الجميع الى الأصول الدستورية التي ترعى العمل السياسي.
    وإذا كانت اللغة العقلانية في بيان المعارضة «خطفت» الأسماع، بعيداً من التصعيد، الى حدّ دفع بغالبية النواب الموالين الى تتبّع مضمونه باهتمام لافت، فإن مذكرة «الأكثريين» لم تخل من مواقف عنيفة، ولا سيما اتهامهم برّي بـ«إقفال المجلس في وجه ممثلي الشعب، أي في وجه الشعب نفسه»، و«امتناعه عن الدعوة الى عقد جلسة»، رامين الكرة في ملعبه عبر تحميله مسؤولية «المحكمة الدولية، الحلّ السياسي، وتعريض مصالح لبنان واللبنانيين الى ما لا تحمد عقباه، سواء لجهة مخالفة إرادة الشعب عبر ممثليه أو إرادة العرب والعالم أجمع».
    وكان مكاري قد استهلّ تلاوته البيان بالإعراب عن «سروره» لحضور «أكثر من ثلثي أعضاء المجلس، بغضّ النظر عن الانتماءات السياسية»، ما يدلّ على أن «الديموقراطية في لبنان ما زالت بخير»، مع وجود «غصّة في القلب» لأن «الحيوية الديموقراطية تبقى بتراء ومعرقلة ومهدّدة وناقصة في ظل إقفال قاعة المجلس أمام أعضائه المنتخبين بإرادة الشعب اللبناني، من دون مبرّر شرعي أو دستوري أو قانوني». واختصر مكاري سبب إقفال المجلس بـ«وجود قضية أخلاقية ووطنية مطروحة، وهي قضية إنشاء المحكمة الدولية»، معتبراً أن «لا مستقبل لديموقراطية لبنان واستقراره السياسي والاجتماعي والاقتصادي إلا عبر إنشاء هذه المحكمة، وإقامة ميزان المحاسبة والحقيقة والعدل في وجه القتلة الإرهابيين».
    وإذ أشار الى أن ما يحصل في المجلس النيابي «إجهاض غير دستوري وغير قانوني وغير شرعي لإرادة اللبنانيين»، نفى أن يكون تحرّك الموالاة «تحدياً لأحد»، بل هو «نداء موجّه من العقل والقلب والضمير الى الرئيس بري بأن يضع تاريخه السياسي وتاريخه في هذا المجلس والمكانة التي سيذكره بها التاريخ نصب عينيه».
    وبالانتقال الى بيان المعارضة الذي تلاه نقولا، محاطاً بالنائبين غازي زعيتر ومحمد فنيش، فقد استهلّ بالترحيب بالزملاء «الغائبين» عن جلسات اللجان ومعظم الأنشطة، فإنه جدّد التأكيد على التزام النواب المعارضين بثوابتهم، بدءاً بـ«إقرار مشروع المحكمة، بعد دراستها في الأطر الدستورية ووفق الآليات التي لا تحتمل الاجتهاد»، ووصولاً الى «تسهيل إقرار صيغة التسوية السياسية التي أعلن عناصرها الرئيس بري في مؤتمره الصحافي الأخير، والإسراع في إعادة الأمور الى نصابها السياسي والدستوري من خلال قيام حكومة وحدة وطنية تؤمّن المشاركة الحقيقية»، بما يضمن «إقرار مشروع المحكمة بما يخدم العدالة».
    وأشار البيان الى إصرار المعارضة على «إبقاء أبواب فرص الحلّ مفتوحة»، مع تجديد الموقف الثابت باعتبار الحكومة «فاقدة للشرعية والدستورية»، لافتاً الى أن «مكابرة رئيسها لن تغطي على سقوطها».
    وعلى هامش الأجواء الهادئة التي أنتجت قراءات هادئة، أكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري لـ«الأخبار» أن «للخلاف حدوداً»، إذ إن القضية «ليست قضية تصعيد كلامي، بل قضية نظام ديموقراطي واحترام قواعد الاختلاف»، لافتاً الى أن مكاري نقل رسالة الموالاة التي لا تعدو كونها «مناشدة» بري من أجل «وضع الخلاف تحت قبّة البرلمان».
    وإذ نفى علمه بوجود عريضة كانت تنتظر تواقيع النواب، رأى حوري أن «الطابة أصبحت اليوم في ملعب الرئيس بري».
    كما عبّر عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبو فاعور عن ارتياحه لمجريات التحرك الذي لم يحمل أي «رسالة جديدة، بل جاء في سياق التأكيد على المواقف السابقة»، إذ «علينا إنو نصيح، مش نطلّع الضو»، نافياً وجود أي عريضة نيابية كانت معدّة للتوقيع.
    في المقابل، تكاملت قراءات النوّاب المعارضين المتعدّدة لبيان زملائهم الموالين، فتراوحت ما بين الإشارة الى ما تضمّنه من دلالات «التهدئة»، وتأكيد وجود «رسالة» ما الى الخارج، وصولاً الى ربط «التكتيك الجديد» الذي يخطّط له الموالون برصدهم التطورات وما ستؤول إليه.
    وإذ رأى عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل أن التحرّك خلا من «أي جديد»، في مرحلة من مراحل القصة التي استوجبت أمس «رمي المسؤولية على الرئيس نبيه بري، من خلال مطالبته بعقد جلسة نيابية»، مؤكداً أن أي جلسة «لن تعقد إلا وفق الأصول»، رأى زعيتر أن الموالاة استهدفت في تحركها الثالث «إطلاق رسالة الى الخارج»، في «محاولة منها للعب دور ما»، منتقداً ما تضمنته مداخلة النائب نقولا فتوش من «مغالطات في تفسير بعض المواد الدستورية».
    بدوره، رأى النائب مروان فارس أن كلام مكاري كان «عادياً»، بينما حمل كلام فتوش «توسّلاً»، بعيداً عن «توجيه أي رسائل واضحة»، واصفاً الموالين بـ«المحبطين الذين تلقّوا ضربة على رؤوسهم، ما أدّى الى تراجعهم، إثر تصريحات بعض حلفائهم الدوليين، ولا سيما رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي التي أكدت أن أي حلّ يجب أن يمرّ بدمشق».
    وخارج إطار قراءات الموالين والمعارضين لرسائل أمس، وصف النائب المحايد بيار دكاش المشهد النيابي بـ«الخطوة الجيدة على طريق الخروج من الأزمة السياسية القائمة، بعيداً عن أي شريط شائك يفصل بين المعارضة والموالاة»، آملاً أن يكون الاجتماع النيابي «ترجمة لاستعادة القرار، بعيداً عن الاستيراد أو الفرض أو متطلبات رفع العتب».
    تجدر الإشارة الى الحضور اللافت لنواب «تيار المستقبل» الذين لم يغب منهم بـ«قرار مسبق» سوى النائب بهيج طبارة كما في التحركين السابقين، فشكّلوا مع زملائهم حضوراً لم يصل الى الـ70 كما كان مقرّراً، بل اقتصر على 58 نائباً، هم إضافة الى مكاري: عاطف مجدلاني، نبيل دو فريج، نقولا غصن، رياض رحال، سيرج طور سركيسيان، محمد الحجار، آغوب قصارجيان، باسم الشاب، عمار حوري، محمود المراد، مصطفى هاشم، عزام دندشي، هاشم علم الدين، محمد قباني، جمال الجراح، أحمد فتفت، نقولا فتوش، غازي يوسف، بدر ونوس، وليد عيدو، أحمد فتوح، سمير الجسر، هادي حبيش، مصطفى علوش، روبير غانم، محمد الصفدي، محمد كبارة، قاسم عبد العزيز، غنوة جلول، عبد الله حنّا، جواد بولس، سمير فرنجية، بطرس حرب، نائلة معوض، غسان تويني، الياس عطا الله، أنطوان زهرا، إيلي كيروز، صولانج الجميل، فريد حبيب، ستريدا جعجع، جورج عدوان، وليد جنبلاط، مروان حمادة، أكرم شهيّب، علاء الدين ترّو، فيصل الصايغ، أنطوان أندراوس، هنري حلو، وائل أبو فاعور، أنطوان سعد، نبيل البستاني، غازي العريضي، عبد الله فرحات، أيمن شقير، فؤاد السعد، وإيلي عون.


    لقطات

  • لدى وصول سيارة النائب وليد جنبلاط إلى مجلس النواب، امتنع السائق عن التوقف أمام الضابط المكلّف الترتيبات الأمنية، وكاد الإصرار على تجاهل التعليمات أن يؤدي إلى «دهس» الضابط، ما استدعى ترجّل جنبلاط من سيارته والتوجّه نحو الضابط لتقديم الاعتذار.
  • لم يستغرق الاجتماع الذي عقده نواب الأكثرية في صالون النوّاب أكثر من ثلث ساعة، ما لم يسمح لهم حتى بتناول القهوة التي أعدّت لهم.
  • رداً على سؤال مراسل قناة «المنار» عن عدد نوّاب الموالاة المشاركين في التجمع، أبدى النائب أنطوان أندراوس امتعاضه قائلاً: «أف. شو هيدا؟ قلنا في أكثر من الثلثين، ومن كل الأطراف».
  • تميّز التجمع بمصافحات وابتسامات وأحاديث متبادلة بين نواب المعارضة، على اختلاف كتلهم، ونواب الموالاة.
  • استعداداً للردّ على أي «تهم» قد توجّه إلى نواب الأكثرية في شأن تغيّبهم عن حضور جلسات اللجان، أعدّ البعض منهم «كشفاً» بالجلسات وحاضريها.
  • في ظل متابعة النواب لمجريات ما كان يدور حولهم، انشغل النائبان غسان تويني وباسم الشاب بالحديث الثقافي، واستكملاه بجولة قاما بها في وسط بيروت للوقوف على مجريات الحفريات التي أدّت أخيراً الى اكتشاف آثار رومانية.