راجانا حميّة
اختتمت الجامعة اللبنانيّة ـ الأميركيّة «LAU» برنامج الصف المتكامل ـ نموذج الأمم المتّحدة الذي حمل هذا العام شعار «قوّة الحجّة لا حجّة القوّة». وانطوت، أمس،
في قصر الأونيسكو، مسيرة خمسة أشهرٍ من العمل المتواصل، تدرّب خلالها المندوبون على التقنيات المستخدمة في المنظّمة الدولية

لم يكن المشهد جديداً، لكنّه غاب طويلاً قبل أن يستدرك مكانه في الجامعة اللبنانية ــــــ الأميركية، فبين الاغتيالات والساحات التي تفرز البلد الصغير، لا تزال «الدبكة» النموذج البسيط الذي يمكن أن يسرق اللبنانيين جميعاً في حلقةٍ واحدةٍ متراصّة تكسر حاجزاً وُلد في لحظة ضعفٍ. حوالى 700 طالب من مناطق وانتماءاتٍ مختلفة عاكسوا الواقع و«بالساحة تلاقوا» وأقسموا بعودة لبنان «أفضل مما كان». المشهد الذي وجدناه طارئاً وجميلاً كان عاديّاً في نظر مجسّديه،كما كان حاضراً بين مشاهد كثيرة حفلت بها «القرية الكونيّة» التي بناها طلّاب 75 مدرسة في حرم الجامعة اللبنانيّة ــــــ الأميركيّة «LAU» ــــــ قريطم. المدارس حملت العالم بتراثه وحضاراته وتناقضاته إلى «LAU» بعيداً من السياسة، فإيران والعراق يجلسان وجهاً لوجه مع الولايات المتّحدة الأميركيّة، وفي الوسط لبنان يجمعهم عند طاولته. حاول الطلّاب في قريتهم الكونيّة أن يوحّدوا العالم في خيمٍ ينسون فيها الفوارق والحواجز التي تفصلهم ويزورون دولاً على أرض لبنان، للمرّة الأولى، من دون أن يرحلوا. تسرقك رائحة «الدلّي» (القهوة الكويتيّة) إلى الجناح الكويتي، الذي حرص «أميره» روي خليفة (مدرسة المنصف) على أن ينقل من البلد تراثه فقط، ففرش أرض خيمته بـ«الديوانيّة»، فيما جلست على الأطراف فتيات يرتدين «الدرّاعة» و«الخمار»، وإلى جانبهنّ الموقد و«مصبّ القهوة» و«الكبسة». وروي الذي تعب من أجل ديوانيّته، لم يجد صعوبة في نقل التراث الكويتي، مشيراً إلى أنّ الأمر «لم يستغرق أكثر من أيّام معدودة»، وقد ساعده في ذلك والده الذي يعمل في الكويت وأخوه وأمه التي ذهبت إلى هناك وابتاعت له كل اللوازم. بالقرب من روي تقف ربى نصر أمام طاولةٍ، عُرف من الاسم المعلّق على الحائط، أنّ الدولة هي ألبانيا. لم يكن ذنب ربى أنّ طاولتها لا تحوي سوى «كبّي مع لبن»، إذ تلفت إلى «أنّ الوقت لم يكن كافياً لتجميع المعلومات عن ألبانيا، خصوصاً أنّنا لا نملك سفارة في لبنان ولا تتوافر معلومات كثيرة عنها عبر الشبكة الإلكترونيّة». أما الجناح الأميركيّ، فيضمّ إضافة إلى «الهمبرغر» و«البيبسي»، كتباً عن «الديموقراطية، الاقتصاد، الإعلام، الموضة»، وصوراً لتمثال الحريّة وناطحات السحاب، وأسماء الشعراء والأدباء من مثل مارتين لوثر كينغ الذي ناضل من أجل المساواة بين أبناء لونه والعرق الأبيض. وما حفل به الجناح الأميركي، تجاوزه لبنان الذي حرص أبناؤه على تضمينه كل ما يخطر في بال اللبناني، فحضر بزيّه الفولكلوري ودبكته والسيّدة فيروز. كما كان اللافت في الجناح تركيز الطلّاب على المأكولات التي يتميّز بها مطبخه من «التبّولة والمكدوس واللبنة البلدية والزيتون والنبيذ»، وقد احتلّت قلاعه ومغاوره وسهوله الجدران الثلاثة المخصصة له.
كما ساعدت تجربة القرية الكونيّة الطلّاب على اكتساب عاداتٍ ولغاتٍ جديدة، إذ يستقبلك طلّاب «الجناح الماليزي» بـ «Salamat datang» ويودّعونك بـ«terima kasih»، بعد أن يطلعوك على منتجات البلد، وهديّة «رمل» من أرض ماليزيا، تكفّلت دنيا بجلبها خلال رحلتها الأخيرة، وتردف قائلة: «لتشعر بأنّك زرتها فعلاً». وهنا، إلى جانب ماليزيا «نوّرتو» في مصر، و «Ti amo» في إيطاليا، وفي الناحية الأخرى، تكتشف الفرق في لندن مع «Lipton»، وتختمها بـ«لقمة زعتر حلبي»... وهلا عيوني، شرّفت سوريا.
وعقد، أمس، الأمين العام لنموذج الأمم المتّحدة سامر رشيدي الجلسة الختاميّة بحضور الأعضاء الـ700، وقدّم مندوبو اللجان الـ 11 مشاريع تتعلّق بقضايا «مصيريّة وحسّاسة» لاتّخاذ القرارات اللازمة بصددها. وقد تقدّمت كل لجنة بمشروعين على أن يتمّ التصويت في ختام الجلسة على واحدٍ منهما. وكان من بين المشاريع المطروحة البحث في كيفيّة «إصلاح مجلس الأمن»، «مواجهة آفة المخدّرات لدى الشباب»، وفتح «ملف التعذيب في السجون» و«التهميش» و«البطالة» وغيرها، على أن يتمّ تقديم القرارات المصوّت عليها إلى الجمعيّة العموميّة لمجلس الأمن في نيويورك لبحثها وإمكان استقاء بعض الملاحظات عليها. وأقامت الجامعة حفلاً في قصر الأونيسكو، لمناسبة اختتام فعاليات نموذج الأمم المتّحدة، تخلّله توزيع جوائز على المشاركين من الطلّاب والمدراس. وقد نالت مدارس سيّدة اللويزة ويسوع ومريم والروضة ومعهد بيروت الإنجيلي للبنين والبنات ــــــ الرابية جوائز «أفضل مدرسة»، كما فاز 16 طالباً بجائزة «الأمين العام»، و60 طالباً بجائزة «الكفاءة الديبلوماسيّة» و60 طالباً بجائزة «Position paper» (أفضل إعلان يشرح فيه الطالب موقف الدولة التي ينتمي إليها). كما تم توزيع درع «الإبداع الدبلوماسي» التكريمي للمنسّّق الخاص للأمم المتّحدة في لبنان غير بيدرسون ودرع «المسؤولية المدنيّة والكرامة الإنسانيّة» للوزير الراحل جورج افرام.