strong>رزان يحيى
الثالث من كانون الأول، كان موعد الشيوعيّين مع إسقاط الحكومة. إلى ساحة الشهداء ورياض الصلح كانت الوجهة. ومن صيدلية بسترس، بما تشكّله من رمزية للمقاومة، كانت الانطلاقة. في تمام الحادية عشرة اجتمعت أعداد خجولة لم تحتج للأعلام اللبنانية لتتوحّد. فهم أصلاً من لون واحد، إنّهم شيوعيون. لذلك طغى عليهم الأحمر، لون الثورة، ورفعت أعلام الحزب الشيوعي اللبناني وغيفارا.
قبل يوم على تظاهرة الشيوعيين التي وجدت نية للقيام بها منذ شهر على الأقل، ولم تنفّذ حتّى الأمس، دعا مسؤول قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني سمير دياب الحزبيين لجمعية عمومية مع أمينهم العام، «لتبرير» النزول إلى الشارع لإسقاط الحكومة، بعد يومين على التظاهرة التي ضمت أقطاب «المعارضة اللبنانية الحديثة». حدادة ذكّر محازبيه بتمايز الحزب عن التظاهرات الآذارية الشهيرة. وأكد من جهة أخرى استمرار تمايز حزبه في هذه المرحلة.
كالعادة، انقسمت الهيئات الحزبية بين مؤيد ومعارض: شيوعيون نزلوا إلى ساحة الشهداء تلبيةً لدعوة «المعارضة» يوم الجمعة الماضي، كما التزموا النزول في تظاهرة الحزب أمس. من جهة أخرى، التزم آخرون قرار الحزب النزول إلى الشارع والوصول إلى ساحة الشهداء «بتحفّظ». وسام، أحد هؤلاء «المتحفظين»، قال إنّه سيترك التظاهرة عندما تصل إلى ساحة رياض الصلح، لأنه يرى أنها تظاهرة «استلحاقية»، ويرى أن التقاطع الوحيد مع الآخرين هو في إسقاط الحكومة. لكن طرح الشيوعيين، برأيه، ينبغي أن يتعدى هذا الشعار. ويرى وسام في المعتصمين الدائمين في الساحتين تجمعاً لقوى طائفية، وهو يعلم سلفاً أن هذه القوى لن تنحاز إلا لمصالحها، لذلك يرفض الانضمام إليها.
عندما دعا الحزب إلى التظاهرة، مساء الجمعة خلال تكريم الشيوعيين القدامى، في مركز توفيق طبارة، لم يحصر الدعوة بالشيوعيين، بل وجّهها إلى كل اليساريين الديموقراطيين، إلى كل شخص يبغي التغيير. هؤلاء أيضاً حضروا. أسعد حمود، منسّق عمل الشباب القوميين العرب، أكّد أن المشاركة في تظاهرة الشيوعيين هي تأكيد على أن الطريق إلى الديموقراطية لا تكتمل من دون اليساريين الحقيقيين. أما أنصار، التي رفعت علم فنزويلا، فرأت أن التحركات جميعها «بدون نفعة» لكنها وجدت نفسها بالأمس على صيدلية بسترس للمشاركة في رفع الصوت لأجل قانون انتخابي جديد أساسه النسبية، ولأجل التغيير لا التبديل بين قوى وأخرى. وزينة الإيطالية وصلت إلى لبنان منذ أسبوع تقريباً تقول إنها بحثت عن الشيوعيين منذ يوم وصولها. أرشدوني إلى «اليسار الديموقراطي على أساس أنهم شيوعيون، لكن الشيوعيين هم كل من في الشارع اليوم، لا في السلطة». أما علي، فيقول إن قراره كان عدم المشاركة في أي تحرك لأنه «لا يجدي نفعاً»، لكن الشعارات المرفوعة اليوم مطلوب النضال والتحرك لأجلها. علماً بأن علي، كما زينة، لن يبقى في ساحة الشهداء لأن المعسكرين برأيه «أضرب من بعضهم».
«أصفر، أخضر، ليموني... وصل الأحمر يا حكومي». هكذا دخل «الحمر» إلى ساحة رياض الصلح. هناك أعاد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني إطلاق المبادرة الإنقاذية التي كان الحزب قد طرحها عشية تظاهرة 13 آذار وبعد سقوط حكومة عمر كرامي. المثلث الإنقاذي، القائم بحل متوازن للأزمات الدستورية الثلاث، رئاسة الجمهورية الحكومة ومجلس النواب، وذلك بتشكيل حكومة انتقالية مهمتها إجراء انتخابات مبكرة على أساس النسبية والدائرة الواحدة. انتهت التظاهرة... ودارت النقاشات حول بقاء الشيوعيين مع المعتصمين، أو انتظار التحركات اللاحقة التي وعد بها الأمين العام للحزب... بدأت اتصالات مع قيادات في حزب الله والتيار الوطني الحر. وإذا ما تمّ التوصل إلى اتفاق على إعطاء التحرك بعداً إصلاحياً، أي تبني المبادرة الإنقاذية، فسيكمل الشيوعيون الاعتصام المفتوح في الساحتين.
الحزب يبارك التحرك في ساحة الشهداء على عكس ما حصل في 14آذار أو «خيمة الحرية». لذلك فهو يترك حيزاً لهيئاته بالاختيار الطريقة الأفضل للتغيير.