strong>فاتن الحاج
بعيداً من الحماسة والانفعال، وأياً يكن موقفنا من القضية، فليس مقبولاً أن يتحوّل الأطفال إلى كبش محرقة نزرع فيهم، بطريقة أو بأخرى، روح الانتقام والعداء، فيما نظن «أننا نشركهم في التعبير عن قضية وطنية». فالرسوم التي جسدها الأولاد أمس في نشاط الهيئات النسائية لحزب الله ترجمت أفكاراً نمطية هي أقرب إلى إلغاء الآخر، منها إلى المواطنية التي نسعى إلى تكريسها على الأقل عبر كتب التربية المدنية.
ليس طبيعياً أن نشهد رسماً لابنة السنوات التسع تصوّر فيه رئيس الحكومة على يده دم «يقتل»، كما قالت، شهيد الوحدة الوطنية أحمد محمود. كما أنه من الغريب أن تخرج عبارات مثل «يجب أن تقتل بهذا الرصاص يا أبو المال» في رسم لطفل لا يتجاوز العشر سنوات. أما الأمر المفاجئ فهو الإثناء والتشجيع الذي لقيه الأطفال من الأهل. وكانت خيمة الهيئات النسائية قد احتضنت أمس الأطفال الذين عبّروا بالرسم والتلوين والشعر عن آرائهم في لبنان والحكومة والوحدة الوطنية. فريان صالح (11سنة) تأبى في لوحتها أن تصب الشاي من إبريق فتفت لأنه «نجس»، كونه «يتعامل مع أميركا واسرائيل». ويصبح المشهد أقل حدة مع فاطمة هزيمة التي رسمت أشخاصاً يهتفون «يا سنيورة طلاع برا بدنا حكومة حرة».
وتخلل النشاط تلوين الأطفال لشعارات الاعتصام «بدنا حكومة نظيفة... أصفر، أخضر ليموني، بدنا نسقط الحكومي». وفور الانتهاء من العمل، رفع الأطفال المشاركون لافتات كتب عليها: «حكومة فيلتمان سنسقطها، كلنا للوطن، لبنان لكل أبنائه».
بالعودة إلى الخيمة النسائية، تنخرط النساء في فعاليات اعتصام المعارضة، عبر خيمة «خاصة» أردنها منبراً مفتوحاً لحواراتهنّ اليومية وتفاعلهنّ مع الحدث. تستضيف الخيمة ندوات حوارية وشخصيات نسائية تنتمي إلى قوى المعارضة وناشطات في القانون وحقوق الإنسان وطالبات جامعيات. وتتناوب عضوات الهيئات النسائية، قبل الظهر وبعده، في الخيمة التي تستقبل النساء من التاسعة صباحاً إلى التاسعة ليلاً.
وتشير المسؤولة الإعلامية هدى عيسى إلى حماسة المشاركات. فهنّ لسن بحاجة إلى من يحفّزهن على التعبير عن آرائهن، ونحاول في بعض الأحيان أن نضبطهنّ. ومن الشخصيات النسائية اللواتي زرن الخيمة، المحامية مي الخنسا التي حاضرت عن القانون الدستوري، والناشطة في التيار الوطني الحر ليلى الرحباني التي أكدت «أن الاعتصام ليس غريباً علينا كتيار فنحن شاركنا في تحركات 14 آذار وعشنا وأولادنا التجربة»، معتبرة أننا «ما زلنا في حرب وإن بطريقة باردة».