فداء عيتاني
«الوسط والاعتدال، وفي حال تعرضنا الى الهجوم فالدفاع بكل ما نملك»، هي عبارات فيصل المولوي، الذي يرتاح في الثياب الاسلامية البيضاء، ويحاور "الاخبار" في القضايا الراهنة علما ان للرجل الكثير ما يقوله ايضا في مسائل الفقه والدين، يحاكي المولوي روح العصر وهو يملك من حكمة الكبار ما يملكه

يتجنب الامين العام للجماعة الاسلامية فيصل المولوي التطرف ويشدد على الاسلام المعتدل الذي شق خطا افقيا في تاريخ البشرية، ويؤكد ان الجماعة شريكة في المقاومة منذ انطلاقتها بعد الاجتياح الاسرائيلي والى اليوم، وهي تسعى الى تقريب وجهات النظر، ومهما علا الصراخ والتشنج فنحن محكومون بالحوار والتوافق.
ويؤكد المولوي في بداية حديثه انه و«الحمد لله الجماعة الاسلامية بكل خير وليس فيها اتجاهان على الاطلاق»، رداً على ما يثار حول اتجاهات تحكم الجماعة، ويضيف: «كل قياداتها وقواعدها في اتجاه واحد والموقف الذي اختارته انها ليست عضوا في 14 اذار ولا في غيره، وانها تحتفظ بموقع الوسيط المتواصل مع الجميع على امل اعادة الوحدة الوطنية في لبنان في شكل اوثق».
يوافق المولوي على ان "الانقسام اليوم في البلد حاد جدا، ولدينا الكثير من القضايا التي نتعاطف فيها قلبا وعقلا مع هؤلاء وقلبا وعقلا مع الاخرين، ونحن لا نجد موقفنا صعبا، لاننا ننطلق من عقائد، وهي تفرض علينا ان نكون مع هؤلاء في بعض ما يطرحون من قضايا تهم مصلحة البلد ومع الاخرين في بعض ما يطرحون من قضايا نعتبرها مهمة ايضا».
ويوضح المولوي حول لقائه ممثل القوات اللبنانية ضمن وفد قوى 14 اذار ان موقف الجماعة لم يتغير: «نحن نتقبل كل اللبنانيين ولا نضع فيتو على احد، واخذنا موقفا معلنا من القوات اللبنانية عندما صرح الدكتور سمير جعجع بكلامه الذي اعتبرناه غير مقبول على الاطلاق، وشبه سلاح المقاومة بسلاح الحرب الاهلية. وعندما زارنا ادي ابي اللمع أكدنا على هذا الموقف، وهو بين وجهة نظره، وقال انه لم يكن المقصود بالاسماء التي ذكرها جعجع الحرب بين اللبنانيين بل الحرب ضد السوريين، ونحن رفضنا الامرين، وقلنا له اولا عندما تطلق عبارة عين الرمانة لا يفهم منها سوى حادثة عين الرمانة التي بدأت بها الحرب الاهلية، وعندما تقول بين اللبنانيين والسوريين فهذه صفحة سيئة نريد ان ننساها ولا نريدها ان تعود، ولا يمكن ان تفتخر بها». الا ان المولوي يسجل «تقدما في خطاب القوات اللبنانية عما كان خلال الحرب الاهلية».
وحول المبادرة التي طرحها باسم الجماعة لحل مسألة سلاح المقاومة قال: «نحن نطرح مبادرة وناقشنا هذه الافكار مسبقاً مع الجميع. نعتقد ان لبنان لا بد له ان يتوافق على صيغة للمقاومة، وعدم التوافق على صيغة يؤدي الى تعميق الانقسام وقد يؤدي الى فتنة اهلية جديدة، ونعتقد ان هذه الصيغة بنقاطها الاساسية هي الصيغة التي يمكن ان يقع عليها مثل هذا الاجماع، لذلك طرحناها ونأمل ان يفتح بها باب الحوار مع كل القوى اللبنانية على امل ان توافق عليها وان معدلة في بعض تفصيلاتها». اما عن الالية التي تتخذها الجماعة للمضي بهذه الصيغة، فيقول «نترك المبادرة لتأخذ دورها لدى الرأي العام اللبناني والمعلقين، ونعطيها فرصة من الزمن ثم نبدأ بعد ذلك بجلسات التشاور مع الاطراف». ويكشف المولوي ان الوزير جو سركيس أبلغه بعد اطلاقه المبادرة «نحن موافقون على هذه المبادرة، فهل يوافق عليها حزب الله؟». ويضبف الأمين العام للجماعة: «نحن نظن ان حزب الله يوافق، واذا لم يوافق يمكننا ان نتحاور. وحتى تيار المستقبل يوافق على هذه الصيغة، وهم قالوا ان المقاومة في دمنا ولا نفرط فيها ولا يمكن ان نتبرأ منها، ولكن الصيغة الحالية فيها بعض الاشكالات، وكذلك كان موقف الحزب التقدمي الاشتراكي، وهو موقف ايجابي، وانا اعتقد انه يمكن ان يحصل لقاء حول المقاومة وهو ما يحفظ وحدة لبنان امام كل الضغوط الخارجية».
ويؤكد المولوي انه لا خوف من الفتنة «اذا ترك الامر للبنانيين، لكن الخوف من التدخلات الاجنبية، فالموساد ليس بعيدا ولا الاميركيون، وربما بعض الضغوط العربية من هنا او هناك، ولكن نعول كثيرا على وعي اللبنانيين بان هذا لن يحقق هدفه». ويشدد على ان الجماعة «جزء لا يتجزأ من المقاومة منذ نشأت في لبنان والى الان، وعلاقتنا مع الاخوان في حزب الله علاقات دائمة وطيبة والاتصال مفتوح في كل المسائل».
وعن لقائه بالامين العام لحزب الله حسن نصرالله قبل اسبوعين يبتسم الرجل بهدوء ويقول: «ليس لدي ما اقوله حول لقائي مع السيد نصرالله، وربما لم يكن هناك جدول اعمال وقد يكون لا لقاء حصل».
اما عن علاقة الجماعة بتيار المستقبل فيصفها بأنها «عادية واخوية وحركتنا على ساحة واحدة وتحتاج الى الكثير من التواصل وهذا قائم». ويكتفي بالقول انه في الماضي حصلت بعض الخلافات المحدودة مع سوريا «ولكن لم تكن تؤثر على الموقف العام لدينا من ان سوريا هي العمق للبنان العربي والاسلامي والتواصل الشعبي عميق جدا والتواصل القيادي يجب ان يكون منسجما مع التواصل الشعبي»، ويضيف ان «سوريا الان هي من اهم الدول وربما الدولة العربية الوحيدة التي لا تزال تمانع، ونحن في هذه المسائل متوافقون تماما ولذلك نتجنب اي خلاف لمصلحة التفاهم على هذه القضايا الرئيسية».
ويرى المولوي "ان المراهنة على ان لبننة السنة في لبنان تعني انقطاعهم عن محيطهم محالة، فهذا لم ولن يكون. السنة في لبنان روح الوحدة الوطنية اللبنانية وروح الامة العربية كلها وروح العالم الاسلامي وهذا جلدهم ولا احد يخرج من جلده».
وحول انتشار التطرف بين المسلمين يقول المولوي: «التطرف موجود من قديم الزمن وخبا في فترة من الفترات، والان عاد الى البروز اولا لان الظلم المعادي الاميركي – الصهيوني زاد الى حد غير محتمل، والامر الثاني لان هؤلاء الاعداء انفسهم هم الذين يشجعون المتطرفين ويعطونهم احجاما اكبر من حقيقتهم، ونحن نعتقد بأن الاسلام الوسطي المعتدل، هو الاسلام الحقيقي المستمر رغم كل الظروف، وما يظهر على جوانبه احيانا من تطرف هنا او هناك فهذه كلها امواج تمر وتنتهي ويبقى الاسلام الاصيل المعتدل هو الغالب. والان رغم كل مظاهر التطرف لو قمت باحصاء لما وجدت المتطرفين يشكلون نسبة واحد في المئة، ولكن هناك اظهارا لهم، وهناك محاولة اشاعة بأن الاسلام كله هكذا لتبرير الحرب على الاسلام والمسلمين».
ويعتبر ان البابا بنديكتوس لم يكن موفقا في استشهاده الذي قدمه خلال محاضرة له، «لأن مجرد الاستشهاد بكلام الامبراطور البيزنطي، من دون ان يعقب عليه سلبا او ايجابا يعني انه يتبناه، وحين قال ان هذا لا يعبر عن فكره، سلمنا بذلك لان هذا ينهي المشكلة فلا نريد ان نغلق باب الحوار والتعاون، ولكن هذا يعبر عن خلفية ان الرأي العام الغربي تتضخم عنده فكرة المتطرفين المسلمين لتشمل كل المسلمين لتبرر اعلان الحرب على كل هؤلاء المسلمين. واما الحل فبصمودنا ومواجهتنا بالكلمة والحكمة والمنطق وعندما يعتدى علينا فسندافع عن انفسنا بما نملك».
ويعتبر المولوي ان المراهنة في الصراع العربي - الاسرائيلي يجب ان تكون على «المقاومة داخل فلسطين». مشددا على ضرورة «ان تبقى يد المقاومة في لبنان على الزناد لانه وفي اي لحظة يمكن ان يقع القتال، ولذلك نحن طلبنا تشريع المقاومة وجعلها وطنية، ولا نرى ان تنتهي المقاومة على الاطلاق لان هذا العدو موجود وله اطماع مادية وعقائدية، واما هذا العدو فلا نملك الا ان نبقى مستعدين».
ويعود المولوي الى الشأن اللبناني الداخلي ويعتبر ان «مناقشة سقوط الحكومة او عدمه في العلن يمنع تحقيقه، وفي الاصل وحين يتعرض البلد لمشكلات فان حكومة الوحدة الوطنية تبقى احد الاسباب التي تساعد على الصمود، ولكن لبنان يعاني من مشكلة، وفي هذا الجو من الصعب طرح مسألة حكومة الوحدة في الصحف، يمكن طرح الامر في المجالس المغلقة، وقد يؤدي الى صيغة معينة، فلا يمكن اسقاط الحكومة كما انه لا يمكن اسقاط الرئيس، اذا لماذا الكلام عن اسقاطها، والبحث يجب ان يكون في تعديل الحكومة لتكون اوسع تمثيلا واذا توافقنا عليه كان به واذا لم نتفق فتؤجل الى حين انتخاب رئيس جديد». ويختم المولوي بالتأكيد ان الجماعة لا تؤيد النزول الى الشارع لاسقاط الحكومة،