عبّرت مراجع كانت تتمنى تنفيذ القرار 2403 الذي أصدره وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت لتنفيذ برنامج «الربط الإلكتروني» بين الأجهزة الأمنية ومكتب المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، عن أسفها لما آل إليه مصير القرار، وهو ما يوحي سقوطه بـ «الضربة القاضية» قبل أن يبصر النور، في وقت تلاحقت فيه الاتصالات لتطويق «العاصفة» التي سببها على أكثر من مستوى سياسي وحزبي وقيادي.وإذا كان إصرار فتفت على تطبيقه قد بات من الماضي، فقد توسعت دائرة الجدل في أوساط الأكثرية حول الأسباب التي أدت إلى مثل هذه «الدعسة الناقصة» من دون أن تتوصل المناقشات التي جرت إلى تحديد المسؤوليات، رغم الجهود المضنية التي بذلها فريق عمل كبير عمل على إحياء المشروع الذي بدأ التفكير فيه منذ سنوات، على ما يقول لـ «الأخبار» مسؤول أمني سابق كان في وسط الفريق الذي كلف حينها البحث في الصيغة المثلى «لاختراق» النظام الأمني «المنيع» الذي كان قائماً وبقي عاصياً على بعض المرجعيات.
وفي النقاش الذي جرى لتقويم الفشل الذي أصاب القرار سجلت الملاحظات الآتية:
ــ إن التوقيت الذي حدد للقرار لم يكن سليماً، إذ إنه كان لا بد من انتظار عودة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود من جولته الخارجية، وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف لإطلاعهما عليه، وترتيب بعض الاتصالات الضرورية مع مرجعيات أخرى باتت على تماس مع كل ما يثير الحساسيات الطائفية والمذهبية.
ــ كان من الممكن سحب بعض المديريات والمؤسسات من متن القرار، على الأقل في المرحلة الأولى من مراحله التطبيقية، بحيث يتم تحيّن الفرصة للإطباق عليها في وقت لاحق ما دامت الأكثرية قادرة على الإمساك بها في ظل موازين القوى القائمة في البلد حالياً.
ــ لم تدر المعركة الإعلامية بشكل جيد في مواجهة «معلومات دقيقة» استناداً إلى مضمون قرار علني لا لبس فيه هو القرار 2403 ولم تجد الآلة الإعلامية إلا التركيز على خطأ مطبعي في شأن رقم المرسوم، كما بالنسبة إلى نشر معلومات وتوجيه اتهامات سياسية وتسريب مضمون معاملات «للترخيص القانوني
لقبول هبة»، ولا يخلو جدول أعمال لجلسة مجلس وزراء من «كذا» طلباً من هذا النوع.
ــ ليس من مصلحة أو هيبة كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية الإشارة في وسائل الإعلام إلى رفض «موظف» هو المدير العام للأمن العام التجاوب مع دعوة وجهاها إليه لعقد لقاءين معهما.
هذا على مستوى المواجهة السياسية والإعلامية، أما على مستوى آخر، فقد أبدى الآسفون على مصير القرار الكثير من الملاحظات على هذا التوجه، منها أن هذا التجميد «جريمة كبرى»، لأن مثل هذا الربط بين معلومات الأجهزة ووثائقها كان إنجازاً لم يتحقق، وكان بالإمكان الاستفادة منه على كل المستويات الأمنية والجنائية والقضائية والإدارية واللوجستية، وفي كل أشكال التعاطي مع الإنتربول الدولي، وهو ما يجعل لبنان «جنة أمنية» يمكن تسويقها على أكثر من صعيد. ويقول مرجع أمني كان يأمل إقرار المشروع بالسرعة القصوى: «إن أمن البلاد هو فوق كل اعتبار ومن مسؤولية الجميع، ويجب إنهاء كل أشكال «الممالك» الأمنية التي لا يقترب منها أحد على الإطلاق»، مقللاً من حجم الاعتراضات حتى على وضع جوازات السفر على الشبكة الإلكترونية المقفلة، ملمحاً إلى أنه كان بالإمكان حجب بعض المعلومات «الخطيرة» إذا وجدت لدى أي من هذه الأجهزة، «لكنه، في ظل الأقمار الاصطناعية وأجهزة الرقابة والتنصت الدولية المتطورة، لم يعد هناك سر يخشى من افتضاحه».
(الأخبار)