في تركيا، حيث وقعت سلسلة من الزلازل والهزات، ألقت السلطات القبض على مجموعة من المقاولين الذين تعتقد أنهم كانوا بمثابة وحوش فضّلوا زيادة الأرباح على سلامة المباني وقوّة مقاومتها لتحرّكات الأرض. أمر يعيد النقاش إلى ما يفترض أن يكون بديهياً: من يبني: المقاول أم المهندس؟ بمعنى أوضح، لا يمكن أن يسيطر الجشع على تشييد المباني. وهذا الجشع، هو في لبنان، كما في العديد من البلدان، سائد ومحميّ بشكل سافر، إذ تهيمن عقلية تحقيق الحدّ الأقصى من الربح على السلامة العامة. هذه القواعد ترسّخت بموجب النظام العام، وقوّة القانون، وضعف الرقابة. ففي أي مشروع إنشائي، أن ما يحكم العلاقة بين المهندس التقني الذي يفترض أنه مسؤول، والمقاول الذي يطبّق على الأرض، هو الأصول القانونية التي تراعي سلامة مستخدمي المبنى. إلا أنه في غالبية الحالات يقود رأس المال كل هذه العملية مستغلاً الفساد وغياب الرقابة، لتُصبح العلاقة بين المهندس والمقاول محكومة بمبدأ الربحية وتصبح معها السلامة العامة مسألة ثانوية. باختصار تتحوّل «صناعة المباني» إلى تجارة. منبع هذا العقل، هو النظام الرأسمالي الذي يقود النشاط الاقتصادي، مانحاً الأفضلية لهوامش الربحية المرتبطة بقواعد السوق حصراً، على كل ما عداها. لذا، إن تشييد المباني ينسجم بنسبة كبيرة مع هذه القاعدة، سواء بالنسبة إلى الإنشاءات الخرسانية الأساسية أو في الأعمال الأقلّ أهمية، فتزداد مخاطر الحوادث، سواء تلك الناجمة عن الزلازل والهزات الأرضية أو غيرها، وترتفع أكلاف الصيانة والتشغيل أيضاً