وقبل أن يدعو مفتي طرابلس والشّيخ محمد إمام أمس، في خطبة الجمعة التي ألقاها من على منبر المسجد المنصوري الكبير في المدينة، إلى «التبرّع لأهلنا في سوريا وتركيا»، قبل إقامته صلاة الغائب عن أرواح شهداء الزلزال في البلدين، كانت مؤسسات الكرامة للعمل الخيري في طرابلس، التي تتبع النائب فيصل كرامي، قد أطلقت يوم الأربعاء «حملة دعم للشّعب السّوري المنكوب»، داعية «إلى المشاركة في هذه الحملة بما تيسّر».
وفي مخيمي نهر البارد والبدّاوي للاجئين الفلسطينيين كان الوضع مشابهاً. فيوم الأربعاء الماضي انطلقت من مخيم نهر البارد أوّل قافلة محمّلة بالمساعدات التي جرى جمعها تحت شعار «وحدة الدم والمصير مع أهلنا في سوريا». أمّا في مخيّم البدّاوي فقد انطلقت أمس الخميس في قاعة النادي الثقافي العربي حملة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللاذقية وجبلة.
انطلقت من البداوي حملة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللاذقية وجبلة
وفي حين لزمت الصمت بقية الأحزاب والتيّارات السّياسية في طرابلس، وكذلك جمعيات وهيئات المجتمع المدني والخيري التي اعتادت أن تبرز في هكذا مناسبات، ولم تقم بأيّ مبادرة لتقديم مساعدات إغاثية إلى المتضرّرين في سوريا، أكثر من إعلانها عن مواقف تضامن عامّة تجاه المتضرّرين في سوريا وتركيا، كان لافتاً أنّ هيئة العلماء المسلمين أعلنت عن مباشرتها حملة جمع تبرعات ومساعدات للمتضرّرين في مناطق سيطرة المعارضة تحديداً. مصادر مطلعة في الهيئة كشفت لـ«الأخبار» أنّ رئيس الهيئة الشيخ أحمد العمري «موجود في جنوب تركيا منذ أيّام لهذه الغاية، وأنّه ينسّق مع مفتي المعارضة السّورية الشيخ عبد الكريم الرفاعي من أجل إيصال المساعدات إلى المتضرّرين في مناطق سيطرة المعارضة». لكنّ المصادر أوضحت أنّ «هناك صعوبات في إيصال المساعدات إلى أصحابها في هذه المناطق، أولاً من الجانب التركي الذي باتت لديه حسابات سياسية مختلفة بعد تقاربه مع النّظام السّوري، وثانياً لأنّ مرور مساعدات في الأراضي التركية إلى الأراضي السّورية يواجه صعوبات تقنية وإجراءات معقّدة، ما جعلنا نفضّل أن تكون هذه المساعدات مادية وليست عينية». ومع ذلك فقد أبدت المصادر خشيتها أن «لا تصل هذه المساعدات إلى مستحقّيها بسبب انقسام المعارضة على نفسها في هذه المناطق، وصراعاتها الدّاخلية، وتعدد المرجعيات فيها، وتفشّي مظاهر الفوضى»، لافتة إلى أنّه «كان من الأفضل اغتنام الفرصة وإرسال المساعدات عبر وسيط ثالث، الأمم المتحدة وهيئات الإغاثة الدولية مثلاً». وكشفت المصادر عن «نقاش واسع دار داخل الهيئة في هذا الصدد، حيث رأت بعض الأصوات أنّ التعاون مع النّظام لتقديم المساعدات إلى المتضرّرين أفضل من تقديم المساعدات في مناطق لا وجود للدولة فيها».