أعلنت الإمارة أخيراً عن إطلاق أول «دبلوم في الصحافة الرقمية» وسيُعلن عن الحدث رسمياً في تشرين الأول (أكتوبر) 2010
صباح أيوب
أخيراً، أدركت دبي ماذا يمكن فعله بالتكنولوجيا السمعية ــــ البصرية المتطورة التي تملأ أسواقها. هكذا، أعلنت أخيراً عن إطلاق أول «دبلوم في الصحافة الرقمية» (سنة واحدة) أو ما يُعرف بصحافة الـ backpack التي تتيح لأي فرد بإرسال تقارير من موقع الحدث عبر استخدام أدوات الاتصال التي يحملها في شنطته. الدبلوم يمنحه SAE، أكثر المعاهد شهرةً في تدريس تقنيات هندسة الصوت، وسيُعلن رسمياً عن الحدث في تشرين الأول (أكتوبر) 2010.
لكن بدلاً من أن تكون الصحافة الإلكترونية جزءاً من المنهجية التعليمية في كليات الإعلام، أو مجرد دورات تدريبية، قرر المعهد أن «يخصّ» دبي بشهادة تعليمية للشق الإلكتروني فقط، من دون شروط انتساب سوى أن يفوق عمر المتقدّم الـ18 سنة.
لا ينكر المعهد أهمية الصحافة، إذ يخصص 41% من الحصص التعليمية بهدف إتقان أسسها بدءاً من «طرق البحث عن المعلومات على الإنترنت» والتحرير إلى دروس في «حرية الصحافة» و«الحقوق الصحافية». لكن وفق أي قانون وأي نظام عمل؟ لا يحدد البرنامج ذلك، بل يكتفي كتيّب المعهد (فرع دبي) بإعلانات لهاتف شركة «آبل» المحمول «آي فون». علماً بأنّ «آبل» هي الراعية لأجهزة الكومبيوتر وشركة «جي في سي» للكاميرات و«يُجبر» الطالب على دفع تكاليف استخدامها (4 آلاف دولار) إضافة إلى القسط السنوي (16 ألف دولار).
ولا بد من التذكير هنا بأنّه في خريف 2008، أطلقت «الجامعة الأميركية في القاهرة» شهادة ماجستير (سنتان) في «التلفزيون والصحافة الرقمية» وخُصّص البرنامج التعليمي لمتخرجي الصحافة أو العاملين في المجال بهدف «تطوير خبراتهم».
إذاً، لقد بات ضرورياً لأي صحافي أن يستخدم التقنيات الحديثة، وخصوصاً بعدما أصبح العمل مراسلاً يتطلّب سرعة أكبر في نقل الخبر. هكذا، دخلت أساليب جديدة إلى صناعة الإعلام، إضافة إلى ظاهرة الـ backpack journalism أو «الصحافة في شنطة» وأضافت جامعات عالمية إلى منهجيتها دروساً تطبيقية على تقنيات البث والإذاعة فيما فرضت مؤسسات صحافية دورات تدريبية على موظفيها... مثلاً، أعلنت جامعة «كولومبيا» عن إنشاء مركز للصحافة الرقمية خاصّ بمتخرّجي كلية الصحافة. ويهدف إلى تدريب

تحت شعار «شارك في صنع الحدث»، صار أي فرد صحافياً
الصحافيين المتخرجين على التقنيات الجديدة في التغطية والإنتاج.
لكن الجدل يبقى مفتوحاً حول ما إذا كان ينبغي تدريس الصحافة في الجامعات أصلاً. بعضهم يؤمن بضرورة إتقان قواعد المهنة أكاديمياً (نظرياً وتطبيقياً) قبل دخول «السوق»، فالصحافة صناعة ينبغي تعلّم أصولها. لكن تياراً جديداً بدأ بالظهور أواخر التسعينيات تزامناً مع الثورة التكنولوجية والرقمية يقوم على مبدأ أنّ «كل فرد هو صحافي». وبمجرّد أن يحمل كاميرا حتى يصبح قادراً على أن يراسل من موقع الحدث أو يبعث صورة... واعتمدت بعض الصحف والفضائيات هذا الأسلوب تحت شعار «شارك في صناعة الخبر». لكن مراقبين كثراً يشككون في «المواطن الصحافي» ويُرجعون الأسباب إلى الموضوعية وإتقان المبادئ الصحافية وثقة القارئ/ المشاهد بالمادة ومصدرها (أي الصحافي).
باختصار، النقاش في «استباحة» الصحافة وفتحها بلا شروط لم يُحسم بعد ما دام الإعلام العالمي ما زال يعتمد على «كلاسيكية» ما في صناعة الخبر مهما تطورت الوسائل. أما العالم العربي، فلا يزال عاجزاً حتى عن الحصول على التقنيات ومتأخراً عن استيعاب فكرة حرية الإعلام والبث. لذا، فالكلام عن تطوير المهنة يبدو سابقاً لأوانه. لمَ لا نبدأ بإتقان العمل الصحافي كخطوة أولى؟