التحق صاحب «سائق التاكسي» باستوديوهات «وارنر» الهوليوودية وعمل في المونتاج أربع سنوات. وفي 1974، اكتشف فرانسيس فورد كوبولا (قبل طلاقه مع «وارنر») مواهب هذا الشاب الأميركي ــــ الإيطالي القادم من حي «برونكس»، فأتاح له فرصة إخراج عمله الهوليوودي الأول «أوليس لم تعد هنا» الذي جعله يقفز إلى الواجهة دفعةً واحدة. لكنّ صاحب «نيويورك... نيويورك»، كان قد أخرج سنة 1969، فيلماً روائياً آخر يعود إلى «المرحلة الفرنسية» يحمل عنوان «من ذا الذي يطرق بابي؟». قرّر سكورسيزي الذي يرأس اليوم «مؤسسة السينما العالمية» المعنيّة بترميم الأفلام القديمة، ترميم باكورته المغمورة هذا، وطرحها مجدّداً في صالات العرض العالمية، هذا الصيف، لمناسبة مرور 40 سنة على إنجازها. يحمل هذا الشريط كل العوالم السينمائية السكورسيزية: مجرمون نبلاء وبالغو الأناقة في أحياء نيويورك الإيطالية، تيمات العنف والتديّن والإحساس بالذنب...
العنف والتديّن والإحساس بالذنب
مرة أخرى، عزف الموزّعون عن هذا الفيلم الذي كان واضحاً أنّه جاء سابقاً لزمانه. إلى أن عثر سكورسيزي على موزّع عام 1969، لكنّ الأخير كان متخصصاً بأفلام الإثارة الجنسية، واشترط إضافة مشهد جنسي ساخن. وافق سكورسيزي وصوّر مشهداً جنسياً مثيراً، لكنّه حمّله جماليات فنية آسرة يقول إنّه استوحاها من عوالم أنطونيويني. لكنّ «من ذا الذي يطرق بابي» لم يلقَ عند عرضه أي رواج أو صدى نقدي.
لم يشأ سكورسيزي إدخال أي تعديل على نسخة باكورته المرمّمة، واختار أن يضع في متناول الجمهور، اليوم، نسخة مطابقة تماماً لتلك التي عزف عن مشاهدتها قبل أربعة عقود.