زينب مرعيبعد ثنائيته في ترجمة شعر الشيرازي، يطرح عمر شبلي في «الثقافة العربيّة ــــ الأصالة، التحدي، الاستجابة» (دار الطليعة) قراءةً لواقع المثقّف العربي، ويحاول الإجابة عن سؤال إشكاليّ: «لماذا العرب متخلّفون والغرب متقدّم؟ وإلام يُعزى تقدم الغرب وتأخر الشرق؟». يربط الشاعر اللبناني بين تخلّف العرب الحضاري وتخلّفهم الثقافي، بل يعتبر أنّ هذا الأخير هو السبب في تراجع النمو الحضاري، بما أنّ وحدة العرب قامت على الثقافة أولاً. ويبحث المؤلف في موضوع «التخلّف العربي الثقافي»، ويردّه إلى خضوع المثقف العربي إلى سطوة السياسي، واضطهاد السلطات للرأي المعارض لها: فعوضاً من أن يوجّه المثقّف السياسي، يسيطر هذا الأخير على المثقّفين، جاعلاً من بعضهم «شعراء بلاط» وبعضهم الآخر ملاحقاً من السلطة. ويعتبر الكاتب أنّ مظاهر الخلل في الفكر العربي الرسمي المعاصر والمعبّر عنه سياسياً بالنظام الحاكم، أنه يعتمد في استمراريته على الأجهزة والقوة الماديّة، متجاهلاً قوة المكوّن الثقافي والمعرفي، فيحوّل بذلك القوة الإنتاجيّة إلى قوة بوليسيّة. من هنا، يتطرّق أيضاً إلى الدور الإيجابي الذي يمكن أن يلعبه الإعلام

رغم جذريّة الطرح يفتقر الكتاب إلى المنهجيّة العلميّة
في خدمة قضية المثقف على الساحة العربيّة، لو لم يكن معظم وسائل الإعلام ملحقاً بالسلطات السياسية هي الأخرى.
يتناول عمر شبلي الثقافة العربيّة من منظار مرحلي جداً، لا من منظارها الواسع. ويبدو أنّ احتلال العراق وحادثة منتظر الزيدي مثّلتا الحافز وراء قيام الكاتب بالبحث في مشاكل الثقافة العربيّة، وتراجع المجتمعات العربيّة ومستوى الأميّة المرتفع فيها مقارنة بالدول الغربيّة. ويتوسّع الكاتب في الحديث عن تأثير السياسة والفكر الشمولي والديني الأصولي على الثقافة، ويرى أنّ هناك صعوبة في نقد الثقافة العربيّة اليوم، لأنّها في معظمها ثقافة دينيّة. لكن الكاتب الذي يسرد علاقة السياسة بالثقافة لا يستغل، حتى النهاية، الأمثلة الحديثة والتاريخيّة التي يستعملها كقرائن علميّة لنظريّاته، فترى الكتاب يفتقر إلى المنهجيّة العلميّة.
أمّا الحلّ فيجده عمر شبلي في مجتمع قومي ديموقراطي، ينزع دوماً إلى التكامل مع الإنسانيّة، من دون أن تتعارض القوميّة مع الوطنيّة. ومع أنّ نموذج الدولة الوطنيّة بمعناها الحديث لا يزال متداخلاً في ذهن الإنسان العربي، بالنسبة إلى شبلي، فهو لا يفرّق أحياناً كثيرة بين الوطني والقومي والديني، إلا أنّ الكاتب يعتبر أنّ «الإنسان الوطني الصحيح هو القومي الصحيح».