نوال العليتعمل نوال حصني على «وجوه امرأة» منذ عام 2001، مستوحيةً فكرة العمل من تجربتها الإخراجية السابقة في الولايات المتحدة، بعنوان In the image of. ظلّت تلك المسرحية التي شارك فيها 12 ممثّلاً تتحول في ذهن حصني، كأنّها لعبة تفكيكية ألقت فيها الممثّلين في جهة، والأفكار في جهة، والإخراج في جهة، لتُخرج عملاً جديداً فيه القليل من نسخته الأولى، وقد اختفت منه الشخصيات كلّها إلا واحدة ستؤدي دور الجميع.
ينقل العمل إلى خشبة المسرح فوضى الواقع الاجتماعي الذي تعيشه المرأة ذهنياً ونفسياً، ويرتكز على ستّة مشاهد متداخلة بشخصيات مختلفة. تعيش الأولى في علبةٍ كرتونية، بينما شغلها الشاغل هو إعادة ترتيب ديكور العلبة/ المنزل بما بتناسب مع ما تحلم. لكنّ المحيط يسيطر عليها، فلا شيء خارجياً يتناسب مع تصوّرها الداخلي للديكور الذي ترغب فيه. ثمة تدخّلات تمنعها من تحقيق ما تريد، لذلك فهي في حالة إعادة ترتيب مستمرّة.
وينتقل الهوس بالصورة الخارجية إلى شخصيات المَشَاهِد التالية، فتظهر المرأة الجميلة الخائفة من أثر جمالها، وتحمل إدانة داخلية لنفسها بسببه. هذا الشعور يولّده الموقف الاجتماعي الذكوري منها، كشخصٍ جميل الوجه والجسد. كذلك هي الحال بالنسبة إلى العاشقة. ففي حين تحتفي المرأة الأولى بالمنزل/ المكان، تنهمك العاشقة بالجسد/ المكان، لإرضاء الرجل وإغوائه ولفت انتباهه. هكذا يصبح إظهار عاطفتها من خلال مفاتنها ديكوراً من نوع مختلف.
أمّا الحياة الجنسيّة بمنطقها الحر، فتجسّدها الأستاذة الجامعية. ومن خلال هذه الشخصيّة، تتناول حصني «الأذى النفسي الذي تسبّبه الحياة الجنسية خارج الزواج، وأهمية التوحد بالآخر، والاحتفاظ بعلاقة تجسّد الحكمة الإلهية من الزواج»، كما ترى المؤلّفة الحاصلة على الماجستير في «مسرح الجسد» (Physical Theatre) من لندن.
هناك أيضاً شخصيّة «الديفا» المضحكة التي تعتقد بأنّها مثيرة وجميلة، وتقوم بأمور غبية ومحرجة أثناء محاولتها إثبات ذلك. أما المرأة الواقعية، فتسعى إلى رؤية ذاتها على حقيقتها بجدّية تفضي بها إلى إيذاء نفسها. وتختتم حصني مسرحيتها برقصٍ معاصر تصفه بأنّه «صلاة الاستسلام إلى الله، والاعتراف بأنّه لا يمكن الاستمرار في الادعاء، ولا بدّ للمرأة من أنّ تتخلّص من الأقنعة».
لكن ما هي صورة المرأة من دون قناع بحسب حصني؟ «المرأة لا بد من أن تقبل دورها كامرأة، تنجب وتربّي، وألا تفكر فقط بالتحكّم والمساواة». يفاجئنا خطاب الردّة هذا، الذكوري والمحافظ، من متخرّجة لندن التي عملت في أميركا، لكننا نقبله صاغرين. لا بدّ من أنّ وقوف حصني للمرّة الأولى أمام الجمهور في بيروت، سيزيد الموقف تعقيداً، حين نعرف أنّها تتحدث العربية بركاكة. لذلك، تعمد في العرض إلى تكسير الجمل القليلة عموماً، حتى تبدو كهمهمات وألعاب صوتية، معتمدةً على الجسد، لينطق بلغة لا تدخل الكلمات في قاموسها.

«وجوه امرأة» : 7:00 مساء اليوم حتى الأحد 8 حزيران (يونيو) ـــ مسرح «مونو» (الأشرفية) :01،202422
www.setupart.org