جورج موسى
79% يفضّلون «باب الحارة»
40% «انتخبوا» باسم فغالي
8% فقط من أنصار «الملك فاروق»

انتهى موسم رمضان، وبقيت مسلسلاته وبرامجه!
بعضها يتواصل، والبعض الآخر يعاد بثّه بنجاح كبير. لكن ماذا يبقى من زحمة الأبطال والحكايات والوجوه... ومن كل تلك الهيصة الإنتاجيّة والاعلاميّة؟ أي المواعيد كان الأقرب إلى مزاج الجمهور اللبناني؟ بمشاركة «مركز بيروت للأبحاث والمعلومات»، نحاول أن نجيب...


المشاهد اللبناني وفيّ للشاشة المحلية... هذا أول ما يتبادر إلى الذهن، بعد قراءة سريعة لنتائج الاستطلاع الذي شمل مشاهدي البرامج التلفزيونية الرمضانية. يتبيّن أيضاً أن الشاشة الصغيرة كسبت رهانها، واستقطبت حوالى 87.19 في المئة من جمهور الشاشة الصغيرة، لأكثر من ساعتين يومياً. «المنار» غيرت تماماً المشهد التلفزيوني اللبناني، إذ حققت قفزة نوعية على مستوى المشاهدة والأرقام، بسبب عرضها للمسلسل الجماهيري الأول «باب الحارة». وقد انعكست الآية على قنوات أخرى، بينها «المستقبل» و«الجديد». أما LBC فيبدو وضعها مختلفاً: المحطة التي نجحت في توطيد علاقتها بالمشاهد اللبناني منذ سنوات، تعرف تماماً من أين تؤكل الكتف. هكذا تغلّبت على MBC و«المستقبل»، مع تفوّق «الدالي» على «الملك فاروق» و«يتربي في عزو»، فيما حقق المسلسلان الأخيران إقبالاً ساحقاً في استطلاعات القاهرةيمكننا إذاً أن نستنتج بالدرجة الأولى، أن المتفرّج اللبناني يتابع الشاشة المحلية أكثر من القنوات الفضائية. وإلّا فكيف نفسّر هبوط أسهم «الملك فاروق» في لبنان (عرض على MBC و«أوربت»)؟ علماً بأن هذا العمل التاريخي أحدث جدلاً واسعاً في مصر، وحظي بترحيب كبير من النقاد؟ ونسجل هنا اختراقاً لبنانياً ليسرا مع «قضية رأي عام» الذي عرض على «إي آر تي الحكايات»، فهناك 7.9 في المئة من المشاهدين اختاروا المحطة المتخصّصة بالمسلسلات، لأنها تقدّم وجبة منتظمة من الأعمال الدرامية.
مع الكوميديا تتغيّر المعادلة. برنامج «جنون» لفادي رعيدي الذي اعتبره النقاد من أفضل نجوم الكوميديا هذا الموسم، يفاجئنا الاستطلاع بأّنه في المرتبة الخامسة بين الأعمال الكوميديّة. لعلّه فشل في التغلب على «باب الحارة»! فيما أسعف التوقيت باسم فغالي على LBC، فاحتل «ألف ويلة بليلة» المرتبة الأولى في فئته رغم الانتقادات التي أثارها. ولا بد من الإشارة الى دخول الدراما الخليجية إلى السوق المحلية مع «طاش 15»، وإن بنسبة خجولة (حوالي2.18 في المئة). في المقابل، لا بد من التوقف عند «حواء في التاريخ» الذي أدخل الدراما اللبنانية للمرة الأولى إلى سباق رمضان، محققاً نسبة مشاهدة مقبولةأما البرامج الفنية والمسابقات، فقد أخفقت هذا العام، باستثناء «الفرصة»: فرغم «المشاكل» التي أثرت سلباً على انتشاره عربياً، تمكّن في لبنان من احتلال موقع الصدارة بسبب عرضه على شاشة محلية («الجديد»). وبقي برنامج هالة سرحان أسير المرتبة الثانية، على رغم الأموال الطائلة التي صرفتها «روتانا» لإنجاحه. وربّما كان السبب هو «تمصرن» البرنامج، وابتعاد المحطة الخليجية عن اهتمامات المشاهد المحلي.
وعلى رغم إهمال المشاهد اللبناني للمسلسلات التاريخية أو السياسية، فإن السياسة ظلّت حاضرة، بطريقة أو بأخرى، في رمضان. نلاحظ مثلاً أن حوالى 34.01 في المئة من المسيحيين، لم يتابعوا المسلسلات السورية. ورغم «ذكوريّة» «باب الحارة»، رأى حوالى 60.82 في المئة من الإناث أنّه أفضل مسلسلات الموسم.



خليل صويلح

الجمهور عاوز ينسى


تكشف استطلاعات الرأي حول مسلسلات رمضان عن تغيّر واضح في ذائقة المشاهد واهتماماته. فها هو يُعلن استقالته صراحة من القضايا العامة والحيوية التي تخصّ شؤونه الراهنة، ليذهب بكل حواسه إلى أبسط أشكال التعبير الدرامية وأكثرها سذاجة. ويستلقي في أحضان الماضي باطمئنان، فيما يدير ظهره للحظة المعيوشةهل هو الضجر وحده، أم عدم الإيمان بمستقبل وردي، كما وعدته الأنظمة المتعاقبة؟ ربما، فكل البرامج التنموية والنهضوية قادته إلى انتكاسة وجدانية ومعيشية. وبدلاً من العيش الكريم والعدالة الاجتماعية، وجد نفسه فجأة منفياً خارج أسوار الطمأنينة، في عشوائيات تزنّر أطراف المدن الكبرى، تعلو أسطحتها هوائيات، هي الملاذ الأخير لأحلامه المؤجلة، أو ورقة اليانصيب الرابحة. إذ ليس بعيداً أن يربح جائزة من أحد البرامج التي لا تطالبه بأكثر من رسالة قصيرة من هاتفه الجوّال. وقد يستيقظ فجأة، وإذا به أحد أبطال «تلفزيون الواقع» في أحضان زوجة المستقبل برعاية إحدى الفضائيات التي تتكفل «بيت العمر» و«سيارة العمر» وبالطبع «زوجة العمر». في الوقت الضائع، ليس لديه ما يفعله سوى الفرجة على المسلسلات واستعارة حياة وهمية، هي قاب قوسين أو أدنى من تطلعاته ليذهب إذاً إلى «باب الحارة»، وسيستضيفه «أبو شهاب» على الرحب والسعة، وإلا فما تفسير أن يحصد هذا المسلسل أعلى نسبة مشاهدة (79.85 في المئة) حسب استطلاع الرأي أعلاه، ويتراجع مسلسل مثل «الاجتياح» إلى أسفل قائمة المشاهدة (3.27 في المئة)، على رغم حيوية موضوعه. فـ«اجتياح» مخيم جنين قبل ثلاث سنوات، صار موضوعاً بائتاً، بعدما خلت الساحات والشوارع العربية من الاعتصامات. ثم ماذا يعني «خالد بن الوليد» اليوم؟ سيقول المشاهد، وهو يتناول كأساً من الشاي في مقهى «باب الحارة»: كفى دروساً في التاريخ، فالمعركة بين «فريال» و«أم عصام»، أهم من الخطط الحربية لمعركة «اليرموك» التي خاضها، وانتصر فيها خالد بن الوليد.
لا يمنع أن يتوقف المشاهد نفسه أمام سعد الدالي ويستعير دوره: ألم يبدأ حياته من أسفل السلّم؟ وها هو يتربع على عرشإمبراطورية المال. هناك 28.88 في المئة من المشاهدين عاشوا شهراً كاملاً في العسل مع «الدالي»، يرتبون أوراقهم للصعود. فالأمر لا يحتاج إلى كثير من العبقرية، ما دام «الشيّال» صار من أهل القمة. هكذا فقد «الملك فاروق» حاشيته من المشاهدين، لتتراجع النسبة إلى 7.90 في المئة فقط، فالملك المخلوع ليس نموذجاً يحتذى به، بعدما فقد سطوته، ولا أحد يرغب اليوم في أن يُنفى في باخرة إلى المجهول.
ولعل المستغرَب في ذائقة المشاهد، ابتعادها عن مشاهدة الأعمال الكوميدية. إذ شهدت هذه الأعمال تراجعاً ملحوظاً، فانتصرت الميلودراما على ما عداها من الأجناس الأخرى!



استطلاع أجري بين 17 و20 أيلول (سبتمبر) 2007، وشمل عيّنة من 400 مستطلع، واعتمدت منهجيّة إحصائيّة تلحظ التوزّع الطائفي والمناطقي، والمستوى التعليمي، إضافة إلى الفئات العمريّة المختلفة من الجنسين



نتائج الاستطلاع