تحتشد في نص سليم بركات أسماء حيوانات وطيور ونباتات وغيرها من عناصر الطبيعة، بما يشبه تظاهرة في العراء. فمن بنات آوى والثعالب والدجاج والخراف إلى قطعان الذئاب.. الكراكي والدّيكة والزرازير وأسراب الإوزّ والحجل والغرانق وأسماء أعشاب مجهولة. هكذا تتمازج الأصوات والروائح بالريح والغيوم والجبال في نداء طويل واستغاثة كائنات مبهمة.
تحتاج هذه الخصوصية إلى وقفة تأمل وفحص جدية. فهو على أي حال، لا يقتفي في مدوّنته أثر ابن المقفع في «كليلة ودمنة» أو الجاحظ في «كتاب الحيوان»، إنما يستحضر هذه الكائنات من موقع مغاير. إذ لا يرتجي حكمة أو رمزاً. ويقول موضحاً هذا الاهتمام «إنني أرى الحيوان كما ينبغي أن أراه، شاغلاً حيزاً من الهواء الإنساني، لا كطبائع بل ككائن». ويضيف «الحيوان هو فراستي. الحيوان طفولتي كلها ـــ ذلك السحر الشيطاني الذي لا ننجو منه». ولعل هذا الحشد من الكائنات والمناخات الغرائبية هو الذي أغوى تيتس رووكي مترجم رواية «الريش» إلى السويدية، في الذهاب إلى مسقط رأس الروائي لمعاينة «مسرح الجريمة» عن كثب. في بلدة عامودا الحدودية، سينام رووكي فوق سرير خشبي في العراء، كما كان يفعل «مَم» بطل «الريش» وينصت ليلاً إلى عواء بنات آوى وخطوات «شبح ميرو المخيف وأكباشه العملاقة ترعد من السماء الملبدة بالغيوم، وتزمجر خلال صفحات الحكاية». إلى ذلك، يشير صاحب «بالشباك ذاتها، بالثعالب التي تقود الريح» إلى اهتمامات أخرى له، كاهتمامه بالطبخ. إذ يعدّ كتاباً عن الطبخ من موقع خبرته الشخصية في الطهو ونكهة حشائش الطفولة ونباتاتها وتوابلها، كما لو أنه يطهو حكاية من حكاياته المثيرة.

مؤلفاته صادرة عن «دار الكرمل» و«النهار» و«المدى» و«المؤسسة العربية للدراسات والنشر»...