محمد شعير
لم يكد غضب الشارع المصري يخمد أثر الفيلم التسجيلي الإسرائيلي الذي بثّ أخيراً عن قتل 250 أسيراً مصرياً عام 1967 من قبل وحدة في جيش «تساهال» قادها بنيامين بن اليعازر، حتّى جاءت ترجمة شعريّة لتعزّز مشاعر العداء لإسرائيل بأشكال أخرى. ما يفعله إريش فريد في الديوان الذي أثار ضجّة في أوروبا لدى صدوره بلغته الأصليّة، هو ببساطة المساواة بين النازية والصهيونية.
في «أشعار ضد إسرائيل»، يتناول النمسوي الراحل إريش فريد ( 1921ــ 1988)، بشكل وثائقي، مذابح إسرائيل في المنطقة العربيّة. وجاءت الترجمة العربية الصادرة أخيراً عن «مكتبة مدبولي» القاهريّة، لتعيد طرح قضية قديمة متجدّدة، هي علاقة الشعر بالسياسة.
تحمل الترجمة توقيع يسري خميس الذي عرّب ديواناً سابقاً لإريش بعنوان «... وفيتنام» («المشروع القومي للترجمة» ـــ 1998)... وفيه سعى الشاعر اليهودي إلى «كشف الأقنعة عن تلك الحرب القذرة التي دأب الأميركيون على تمويه صورتها». وعرّض الديوان صاحبه لهجوم من «جمعية 47» الأدبية التي كان ينتمي إليها (بين أعضائها آنذاك الألماني غونتر غراس)... وبلغ الأمر المطالبة بإحراق شعره وحذف قصائده من الكتب المدرسية في منطقة بافاريا.
أما الكتاب الصادر حديثاً بالعربية، فيتضمن قصائد من ديوان إريش «اسمعي يا إسرائيل» التي كتبها بعد 1967، وأثارت ضجةً كبيرة، ووُصف صاحبها بـ»شاعر القتلة». وربما لهذا السبب اعتبره أدباء عرب في الستينيات «شاهداً من أهلهم». واحتفى به الراحل يحيى حقي الذي كان رئيس تحرير مجلة «المجلة» ونشر ترجمة قصائده.
وعلى رغم مرور السنوات، لم تزل القصائد تثير الدهشة وتطرح السؤال: لماذا لم يتغير شيء؟ إسرائيل ما زالت تمارس جرائمها والعرب ينتظرون مَن يكتب حكايتهم في الجانب الآخر... ترى بعد عشر سنوات من سيسرد الأهوال التي تعيشها اليوم ديار العرب؟ هل ننتظر ظهور إريش فريد من نوع جديد؟...