رلى راشد
في “رسالة بعد الوفاة” (1989)، تتحدث الصحافية والروائية دومينيك إده عن “واقع يفوتنا” في حرب سريالية تؤرق البيروتيين وتفقدهم صوابهموهذا الواقع تحديداً هو الذي سجّلته في رواياتها تلك الأديبة اللبنانية التي تكتب بالفرنسية، شأنها في ذلك شأن ايتيل عدنان وأندريه شديد وغيرهما. وها هي صاحبة “لماذا الظلام حالك؟” (1999) تستفيق على عالم يتلاشى في وطنها،لتستعيد ذكريات وندوباً من زمن العنف. احتجاجاً على العدوان كتبت دومينيك إده “رسالة الى الاسرائيليين”، نشرتها في مجلة “لو نوفيل اوبسرفاتور” الباريسية. تتوجّه الأديبة الى تلك الغالبية التي أيّدت الحرب فجلب لها تشددها "الرعب على أعتاب المنازل، وعالماً منغلقاً على نفسه”. تسأل هؤلاء من أين تأتي ثقتهم المتجدّدة بقدرة القنابل؟ وتضيف: “مهما فعلتم، يبقى هذا المكان مسكوناً بعالم ليس ملككم، عالم سيتجاوز موتاه”.
تعترف إده بأن معظم الأنظمة العربية القمعية والكاذبة والخائنة والفاسدة باتت تعيش حياة اصطناعية. فالتيّارات الاسلامية تحلّ أكثر فأكثر مكان مشروع العروبة. لكنّ الكاتبة تستدرك أن هذا الواقع “لا يمكن محوه عن طريق الضغط على الزناد”. تمضي قائلة: “لم يعد زمن الإسلاميين رهناً بزمنكم”...
وتختم إدّه: “أما إذا حاولتم تفهّم الواقع، وتقدير الأمور على المدى المتوسط والبعيد، فربما أمكنكم عندها التأسيس لحركة تحفظ حقوقكــــم من دون أن تنتـــهك حقوقنا. بل إن تلك الحركة قد تجعل من بلدكم قطباً لديموقراطية منفتحة، لا تقوم على وعي مغلوط يستبطن فكرة التفوق. هل هذا الرهان مخاطرة؟ بالطبع. ربما تأخّر الوقت. لكن هل ثمة سبيل آخر غير السبيل الانتحاري؟”.