مع أنّه من الأبطال الخارقين الأقل أهميةً، صبي المهمّات، الذي لا يريدها الآخرون، إلا أنّ باري ألين/ «ذا فلاش» (أيرزا ميلر)، قد أتقن لعبته، ووثق بقدراته ووجد لنفسه مكاناً كان يحلم به بعد أحداث «فرقة العدالة» (2017). باري ألين/ «ذا فلاش» أصلح وضعه الأسري الدراماتيكي، وغيّر ماضي والديه، ما جعل طفولته وسنوات مراهقته أكثر سعادةً، ولكنه في الوقت نفسه تسبّب في زعزعة استقرار العوالم الموازية والمتعددة الكيانات لعالم «دي سي».
من «ذا فلاش»

في فيلم «ذا فلاش» (2023) المطروح في الصالات اللبنانية، تفتح «دي سي» عوالهما المتعددة، في قصّة مسلية إلى حد ما، مضحكة في كثير من الأوقات، تحمل الكثير من النوستالجيا، والعديد من التعثرات، ولكن الفيلم سريع إلى درجة أنّ سرعته تنسينا جميع أخطائه.
نعلم أنّ ماضي باري ألين «ذا فلاش» مضطرب، وخصوصاً مع وجود والده في السجن، وموت والدته، وأنّ هذا المراهق اكتسب قوةً خارقة بسبب صاعقة جعلته سريعاً بشكل لا يصدّق. في «ذا فلاش»، استعمل باري ألين قوته الخاصة، للعودة إلى الماضي، سافر عبر الزمن بسرعته الخارقة، وتمكّن من تصحيح أخطاء الماضي. أنقذ والدته التي فقدها عندما كان صغيراً، وفي الوقت نفسه تمكّن من إنقاذ والده الذي أُدين خطأً بقتل والدته. وجد نفسه من حيث المبدأ في عالم لا «ميتاهيومنز» (بشر ذوو قوة خارقة) فيه، ولكنه وجد نفسه أصغر سناً، ووجد الجنرال زود (مايكل شانون)، وهو يحاول إصلاح الأرض من خلال قتل المليارات. في عالم فقدَ سوبرمان في ظروف غامضة، ولا أبطال خارقين أصلاً، لم يجد باري إلا بروس واين «باتمان» (مايكل كيتن) الكبير الذي يعيش في قصره المتهالك، وفتاة خارقة جديدة هي «سوبر غيرل» (ساشا كالي) في القطب الشمالي. جمعهما مع باري الأصغر سناً، ليتّحدوا معاً ويحلّوا المشكلة بهدف ترتيب الماضي من جديد بدون تغيير. «ذا فلاش» الذي أخرجه الأرجنتيني أندري موسكيتي، معقّد نوعاً ما، ليس بسبب قصته، بل لأنّه يجبر المشاهد على رؤية الأفلام السابقة لفهم بعض النكات... أفلام تعود إلى الثمانينيات، وتحديداً إلى فيلم «باتمان» (1989) لتيم بورتون، ما ينغّص تجربة الجمهور الجديد الذي لم يشاهد فيلم «باتمان».
«ذا فلاش» ذكي للغاية عندما يتعلق باستخدام السفر عبر الزمن والكون المتعدّد لاستحضار وإعادة الشخصيات المعروفة. عودة مايكل كيتون في دور باتمان لها ما يبرّرها، على الرغم من أن دوره كان مجرد مرافِق. من الواضح أن كيتون سعيد للغاية بالعودة إلى بزّته القديمة، وبأدائه الذي يذكرنا بالأفلام الكلاسيكية. إلى جانبه «سوبر غيرل» في صراع أكثر إثارةً للاهتمام، لكن لم يكن هناك الوقت الكافي لتطويره. المساحة الأكبر بالطبع هي للمعتوه باري الذي يليق جداً بشخصية «ذا فلاش» منذ ظهوره للمرة الأولى قبل أعوام. يعد فيلم أندري موسكيتي جيداً في الغالب. تأتي أخطاؤه بشكل أساسي من أنه يريد الكثير من الفيلم. لكن مع بعض المراوغات، لا يزال قادراً على إبقاء الفيلم في الاتجاه الصحيح. أمر ليس بالهيّن في هذا الكون المتعدّد والزوبعة التي كان ممكناً أن تتحوّل إلى فوضى منذ البداية. ما زلنا نعثر على خيوط غير مترابطة وأسئلة معلّقة، وبالطبع كان ممكناً التركيز بشكل أكبر، خصوصاً في مشهد المعركة الكبير، الذي كان من شأنه أن يحدّ من مشكلة مدة الفيلم الطويلة (ساعتان ونصف الساعة). إلى جانب بعض العقبات الأخرى، فإنّ العيب الرئيس في «ذا فلاش» هو الطريقة التي تم تصميم المؤثرات الخاصة والـCGI بها. يبدو الأمر كما لو أن ميزانية الفيلم قد استنفدت عند الوصول إلى هذه النقطة من الإنتاج، فبدت بعض المشاهد مُحرجة للغاية. إذ تشبّع الفيلم كثيراً من الـCGI، فأصبح متعباً للعيون، لأنّ جودة التأثيرات الرقمية سيئة جداً.
يحيل إلى أفلام تعود إلى الثمانينيات، وتحديداً «باتمان» (1989) لتيم بورتون


على الرغم من أنّ الكون المتعدد الكبير لـ«دي سي» يتشكل أمام أعيننا في الفيلم، إلا أنه يأتي من دون جاذبية أو وزن. ولكن يجب الاعتراف بعمل موسكيتي، إذ تمكّن من تقديم عاصفة رعدية مليئة بالإثارة، من قصة لها أساس عاطفي عميق، وفي جوهرها حزينة للغاية. ضجيج العمل لا يترك مجالاً كبيراً للمشاعر، إلا أنها موجودة في بعض اللحظات. نجح موسكيتي إلى حد ما، وقال وداعاً لعوالم «دي سي» القديمة ورأسه مرفوع. نعلم أن هناك فيلمين من «دي سي» سوف يعرضان قريباً، أحدهما هو Aquaman 2. بعد ذلك ننتظر ما سيقدمه جايمس غان لهذا العالم الجديد بعدما ترك مارفل. لكن في جميع الأحوال، هناك مشكلة كبيرة لا تؤخذ بجدّية. على الرغم من أن الإنتاج لم ولن يتوقف قريباً، إلا أنّ سينما الأبطال الخارقين أصبحت متهالكة للغاية.

* The Flash في الصالات