مشكلات «تلفزيون لبنان» (تلّة الخياط ــــ بيروت) لا تنتهي. الشاشة الرسمية تغرق في بحر من الفساد المالي والإداري، نتيجة تراكمات على مرّ السنوات العشر الأخيرة، بدأت بفشل في تعيين مجلس إدارة جديد بسبب الكيديات السياسية، ثم إقالة المديرة المؤقتة فيفيان لبّس بقرار من وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، وصولاً إلى قضم حقوق الموظفين المالية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد. أمس، ارتفعت أصوات موظفي التلفزيون بسبب عدم حصولهم على المساعدات المالية التي أقرتها الدولة في العامين الأخيرين، والتعديلات التي أضيفت إلى الرواتب ولحقت القطاعين الخاص والرسمي. لكن حتى هذا الاعتصام، لا يشبه الاعتصامات التي تنظّم داخل المؤسسات الإعلامية، لأنّ علامات استفهام بدأت تطرح بين الموظفين حول الجهة التي نظّمت الاعتصام ألا وهي «نقابة مستخدمي التلفزيون في لبنان». في العموم، يجتمع الموظفون والنقابة على مطالبهم المالية المحقة، لكنّ موظفين كثراً يتساءلون عن السبب الذي دفع النقابة إلى التحرّك اليوم، خصوصاً أنّها غضت النظر عن مطالبهم في الأعوام الثلاثة الأخيرة. مع العلم أن النقابة شهدت استقالات في أعضائها خلال الشهرين الأخيرين، نتيجة خروج رائحة فساد مالي منها أدت إلى تفكّك مجلسها، على أن يتم قريباً انتخاب مجلس جديد.في هذا السياق، رفعت «نقابة مستخدمي التلفزيون في لبنان» أمس الصوت عالياً، مصدرةً بياناً جاء فيه «وصلت أحوالنا المعيشية إلى هذا الدرك غير المسبوق، وبعد استنفاد كل الوسائل من الحوار والانتظار والوعود، نبدأ بتحركاتنا التصعيدية بإقامة الاعتصام (أمس) في مدخل الشركة وسيكون بمثابة صرخة كي لا يبقى التلفزيون وموظفوه آخر أولوية المعنيين». ذيّل البيان بتوقيع رئيس النقابة حنا بواري، وأمين السر ريمون كميد. تلفت معلومات لنا إلى أن الاعتصام جاء نتيجة عدم حصول موظفي التلفزيون على حقوقهم في التعديلات على رواتبهم، آخرها منح زيادة توازي أربعة أضعاف الراتب الأساسي أقرها مجلس الوزراء في نيسان (أبريل) الماضي. أضف إلى ذلك أن الموظفين لم تلحقهم زيادة الرواتب الثلاثة المقررة بموجب المادة 111 من موازنة عام 2022. وتكشف المصادر بأن رواتب الموظفين لا تزال تراوح بين أربعة وعشرة ملايين ليرة لبنانية.
رواتب الموظفين تراوح بين أربعة وعشرة ملايين ليرة لبنانية


توضح المعلومات أنّ الموظفين يطالبون بمستحقاتهم منذ أكثر من عامين، لكنّ الجهات المعنية (وزارتي المالية، ووزارة الإعلام) تتهرب من المسؤولية ولا تقدّم أجوبة واضحة للموظفين حول معاملتهم بالمثل كباقي الموظفين في القطاعين الخاص والعام. توضح المصادر بأنه وسط غياب الحلول، بدأ بعض الموظفين بالتغيّب عن دواماتهم، مكتفين بالحضور أربعة أيام فقط في الشهر بسبب غلاء أسعار المحروقات. أمر أدى إلى فوضى في التلفزيون، وسط تهديدات إدارة الشاشة الرسمية بحسم جزء من رواتب الموظف بسبب تخلّفه عن الحضور.
هكذا، مرّ اعتصام «تلفزيون لبنان» بهدوء بعد كلمة ألقاها رئيس «نقابة مستخدمي التلفزيون في لبنان» حنا بواري، تلتها كلمة رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، وسط صورة ضبابية حول مستقبل العاملين في الشاشة الرسمية. يؤكد تحرّك الأمس بأنّ ساعة الصفر قد اقتربت، فما يُجمع عليه الموظفون بأنهم يمرّون في ظروف سيئة لم يسبق أن عاشوها حتى خلال الحروب التي مرّت على لبنان.