قبل الأزمة الاقتصادية والمعيشية ومرحلة كورونا، اعتاد الفنان خالد الهبر اللقاء بالجمهور صيفاً، وخصوصاً المغتربين، في مسرح الـ «تياترو» في منطقة فردان. لكن مع أحداث السنوات الماضية وإقفال المكان، أُلغي هذا اللقاء الذي كان ينظَّم مرة في الشهر تقريباً. بالحديث مع ابن الفنان، ريان الهبر، أخبرنا أنّ مناسبة حفلة الشوف، افتتاح مدرّب الرقص الفنان مازن كيوان مسرحاً جديداً في الهواء الطلق تحت اسم «كون»، سيشكّل عودة الهبر إلى الغناء في الشوف. الأمسية تبدأ قبل مغيب الشمس للإتاحة للحضور الاستمتاع بالموسيقى والمناظر في الوقت عينه. اختار الهبر لهذه الحفلة مجموعة من الأغنيات التي تمتد على كامل مسيرته الفنية من أغنيات بداياته إلى أحدثها. سيكون هناك مرور على ريبرتواره، من أغنية «عازف الغيتار» إلى «رنا» وغيرهما. كما سيؤدي أغنيات غير مسجّلة مثل «كول يا بابا كول صار عنا بترول» التي قدّمها في الأونسكو عام 2011. كذلك، يقدّم أغنية أداها للمرة الأولى في الأونسكو أخيراً بعنوان «فلّو يلي كانوا حاضرين». يختلف اللقاء هذه المرة عما سبقه من أمسيات موسيقية اعتاد الهبر تقديمها في الأونسكو. لن ترافقه فرقة موسيقية كبيرة بل نحو 12 عازفاً كما يخبرنا ابنه. هي أشبه بسهرة مع الناس، شبيهة بما قدّمه العام الماضي في «بار دامور»، في جو من الاسترخاء والمشروب، وليست حفلة كلاسيكية. برأي ريان، الناس متحمّسون لحضور هذا النوع من الحفلات ليس فقط لأنها نوع من الترفيه، بل لأنهم في لا وعيهم يقدّرون شخصاً صادقاً كالهبر، لم يخذلهم طوال هذه السنوات، ولم يكذب لا في الكلمة ولا في الموسيقى في ما يقدّمه على المسرح. هو صاحب أرشيف كبير من الأغنيات الملتزمة والجميلة. منذ أول موضوع تناوله في سبعينيات القرن المنصرم حتى اليوم، كلماته ظلّت صائبة وحقيقية تعكس الواقع الذي يعيشه الجميع.
من جهته، يخبرنا مازن كيوان عن فكرة المكان ودعوة الهبر تحديداً لافتتاحه. هو مشروع صيفي، يقدّم أنشطة فنية وثقافية في قلب الطبيعة تحثّ على احترام البيئة التي هي قوّتنا الوحيدة الآن في لبنان، وفرصة لقضاء بعض الوقت قبل وبعد هذه الأنشطة في خيم مجهّزة أُعدّت لاستقبال الراغبين في قضاء أيام. ولدت الفكرة لدى الفنان قبل 15 عاماً، إذ عاش فترة طويلة في الخارج وكان يحضر مهرجانات وحفلات موسيقية في قلب الطبيعة. تنظيم الأحداث ليس جديداً عليه، فقد أطلق مهرجانين: تانغو أحدهما عام 2009، والآخر عام 2014 هو «مهرجان بيبلوس للتانغو» سيفتتح دورته الثامنة في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) المقبل. أما في مشروع «كون»، فهو أراد أن يبني «نوعاً من الجسور. الطاقة الموجودة في المدينة جميلة ولكننا بحاجة إلى صمت الطبيعة وإلى أن نكون متناغمين معها. «كون» دعوة لكي نظهر بالنسخة الأفضل لأنفسنا لأننا في الطبيعة. ولكي نكون على علاقة بأنفسنا الحقيقية والصادقة وبالتواصل مع البيئة التي هي أمّنا. وقصدنا أن نكتب «كون» مع الواو وليس «كُن» لأنه فعل أمر. أما «كون»، فدعوة بمحبة ولطف للناس لكي يقتربوا من أنفسهم الطيبة. الإنسان بطبيعته طيّب وبسبب الظروف والتوتر يبتعد عن ذلك ولا يعود حقيقياً».
جاء خيار خالد الهبر للافتتاح أولاً بحكم الصداقة التي تربط بين كيوان وابنه ريان الذي عمل معه. ولكن الأهمّ أنه يعتبره «فناناً كبيراً بإنسانيته والتزامه حقوق الإنسان. أنا أتحدّث من الناحية الإنسانية فحسب وبعيداً من السياسة. ما يهمّني أن يلتقي الإنسان بطريقة راقية من خلال الفن والثقافة. لا أحب الفنانين البرّاقين. أنظر إلى القيمة الحقيقية للفنان وكلمته وموسيقاه وما يقدّمه وإلى تصرّفه اليومي أيضاً. أجد خالد الهبر فناناً حتى في إنسانيته».
يلي حفلة الهبر أسبوعان من الأنشطة الفنية والثقافية، أولها عرض فيلم «البوسطة» لفيليب عرقتنجي الذي سيكون حاضراً للقاء الناس والإجابة عن الأسئلة، كما ينظّم كيوان أمسية موسيقية مع بشار خليفة لاحقاً، إضافة إلى ورش عمل خلال الصيف. يتابع كيوان بالقول: «الفكرة ليست إنجاز حفلة يحضرها الناس ويغادرون، أريد أن أكسر الحاجز بين الفنانين والناس. هم فنانون ملتزمون وقد يكونون مصدر إلهام للجيل الجديد الذي يحبهم، ولكنه يعتقد أنّهم بعيدو المنال، وخصوصاً أنّه ليس هناك في القرى الكثير من الفرص لعروض ثقافية وفنية. نعطي فرصاً للجيل الشاب كما نقوم بحركة اقتصادية للضيع المجاورة. قد نقوم أيضاً بنشاط خلال موسم قطف التفاح بالتعاون مع رئيس بلدية جباع إيهاب تمام الذي كان متعاوناً جداً ووقف إلى جانبي. هو صورة جميلة عن لبنان حيث نساعد بعضنا بعضاً للنهوض في مكان الدولة التي لا يمكنها أن تساعدنا في شيء للأسف».

* افتتاح «كون»: 19:00 مساء السبت 24 حزيران (يونيو) ــــــ «كون» (بلدة جباع الشوف) ـــ للاستعلام:70/018281