يمثّل المغني المصري تامر حسني شريحةً واسعة من الجمهور العربي، سواء أعجبنا أداؤه وشخصيته الفنية وطريقة تقديمه لنفسه أو لم يعجبنا. حضر حسني في الموسم الحالي بفيلمه «تاج» الذي كتبه، وأدى بطولته، وأنتجه. ولأنه تامر حسني، لم يفشل الفيلم نهائياً، بل على العكس، حقّق ما يقرب من خمسة ملايين جنيه خلال أربعة أيام من عرضه، ناهيك بأغنية «هرمون السعادة» التي استخدمها كنوع من الدعاية للفيلم. وتجربة «تاج» ليست الأولى بالنسبة إلى لحسني، بل هي الثالثة بعد «بحبك» و«مش أنا» اللذين كتبهما وإن كانت مهارته الكتابية تحتاج لأن يحكى عنها الكثير لناحية ضحالتها وقلة عمقها وعاديتها. تدور الحكاية حول «تاج» أستاذ الموسيقى الشاب، الذي يكتشف فجأة أنه يمتلك قوى خارقة. وسرعان ما تبدأ المغامرات بالتمحور حول حياته التي تصطدم بتلك القوى، والشرّ الذي يترافق مع تلك القوى.

تاج الشاب المصري العادي يحصل على قوى خارقة تجعله قادراً على الانتقال الآني/ الفوري من مكانٍ إلى آخر، فضلاً عن سرعة خارقة وقوة جبارة. كل هذه القوى تجعله راغباً في مساعدة الناس ونفسه كذلك، فيكتشف كيفية التعامل مع هذه القوى وتسخيرها للفوز بمحبوبته (دينا الشربيني). تتعقّد القصة أكثر مع ظهور «شرير» من نوع خاص وهذا ما يضعه في مواجهة مع من يشكّل خطراً على حياته وعلى حياة من يحب.
لعل أقوى نقاط الفيلم هو وجود تامر حسني نفسه، وهو ما يتكئ عليه المغني المصري الشاب. إنها مقبوليّته لدى الناس وتقبّلهم له وشعورهم بأنه يشبههم. لكننا لسنا أمام ممثل مبدع، أو قادر على تخليق شخصية جديدة، بل نرى الشخصية نفسها من أول أفلام حسني وصولاً إلى اليوم، فشخصية تاج هي ذاتها شخصية عمر (عمر وسلمى) مع بعض التعديلات والظروف المختلفة. نقطة تحسب للفيلم هي جرأة اختيار موضوع القوى الخارقة والبطل الخارق. صحيح أنّ الدراما المصرية تناولته في السابق، لكن بطريقة كوميدية كما حصل مع فؤاد المهندس في فيلم «العتبة جزاز» أو محمد صبحي في «انكل زيزو حبيبي»، وأحمد الفيشاوي في «الحاسة السابعة». كل هذه الأفلام لا تقارب تجربة «تاج» الذي يمزج بين الكوميديا والدراما والأكشن في آنٍ. فالبطل هذه المرة يواجه شريراً حقيقياً، وليس شريراً كاريكاتورياً، والصراع في الفيلم هو صراع – على عادة أفلام تامر حسني - تتمازج فيه العوالم الدرامية من الكوميديا إلى الرومانسية إلى الأكشن والعنف.
ضعف السيناريو والحوار يمثّل إحدى أبرز مشكلات «تاج»


أدائياً، وكما أشرنا، تامر حسني هو ذاته في معظم أعماله. أما دينا الشربيني فهي ليست بمهارة منة شلبي أو منى زكي، لكنها تؤدي بطريقة محببة ولطيفة. هالة فاخر، عمرو عبدالجليل، والقدير أحمد بدير وسواهم من نجوم الصف الثاني، يقعون أيضاً في فخ تكرار شخصياتهم وحتى «إيفيهاتهم» الكوميدية، ذلك أنّ النص المكتوب يحد من حركتهم، ويضعف من إمكاناتهم. الأمر نفسه ينسحب على المخرجة سارة وفيق، التي أخرجت لتامر فيلميه «مش أنا» و«عمر وسلمى» (في جزئه الثالث). لكنّ إحدى أبرز مشكلات الفيلم هي ضعف السيناريو والحوار، وهذا ما أثقل الشريط، وخصوصاً مع تركيز تامر حسني على نفسه، ككاتب وكممثل وصانع للعمل. هذه الفكرة جعلت من تامر «يعربش» على الشاشة كل الوقت، إذ يتواجد في 90 في المئة من المشاهد إن لم يكن أكثر من ذلك. المشكلة الثانية هي الكوميديا التي تنحو في لحظات ما إلى التهريج. من يشاهد تريلر العمل، يمكنه ملاحظة بعض الإيفيهات ولحظات التهريج التي تسخّف من الكوميديا، كأن يسخر من خلع بنطلونه أمام حماته. مشهد متكرر قدمه وإن بشكل مختلف في «عمر وسلمى»، أو الإيحاءات الجنسية السطحية وهي ذاتها التي شهدناها في «عمر وسلمى».
يمكن اعتبار «تاج» فيلماً يستخدمه تامر حسني ـ في أسوأ الحالات ـ كنوع من الضجة والإعلان لحفلاته القادمة، وفي أحسن الاحتمالات تجربة يمكن المراكمة عليها لتقديم أفلام «سوبر هيرو» عربية/ مصرية، قابلة لأن تكون ذات جودة أفضل.

* «تاج» في الصالات