تحاول «الهيئة العامة للترفيه» السعودية دخول «عالم» صنعة الدراما بكل الطرق. بعد مسلسلات مثل «رشاش» قبل عامين، يأتي فيلم «قندهار» كفاتحة لعهد الأفلام الهوليودية من إنتاج «أم بي سي». ويبدو أنّ الفيلم نجح في اجتذاب جمهور أفلام «الأكشن»، إذ حصل على 82 في المئة من استحسان الجمهور على موقع Rotten Tomato، وإن كان قد نال 47 (غير محبّب) لدى النقاد. علماً أنّ جزءاً من الفيلم صوّر في مدينة العلا الأثرية في السعودية، وقد أثار ضجة كبيرة آنذاك كونه الأول من نوعه الذي يصوّر هناك. وقد أشير إلى أنَّ هيئة الأفلام السعودية قد دفعت 40 في المئة من إنتاج الفيلم بشكلٍ رسمي. إنها حكاية «مرتزق» يدعى توم هاريس (جيرارد باتلر) يعمل بشكلٍ مستقل مع المخابرات الأميركية، يقرر أن يخوض مهمّة سريعة على الحدود بين أفغانستان وباكستان على إثر انتهائه من مهمة تخريبية داخل إيران. يبدأ الفيلم بإشارة إلى ضلوع الأميركيين في عملية تخريب قاعدة نووية إيرانية (لم يُشر إليها بالاسم في الفيلم، ولكن من المرجح أنهم يقصدون مفاعل «ناتنز» النووي). ينجح هاريس الذي كان متخفياً تحت ستار خبير ألياف ضوئية يعمل في شركة سويسرية، لتحديث المفاعل تقنياً. بعد المهمة الأولى، يتوجه إلى دبي في طريق عودته إلى أميركا، ليفاجأ بضابط ارتباط أميركي يدعى رومان (ترافيس فيميل) يعهد إليه بمهمة قد تكون الأخيرة بالنسبة إليه. يوافق هاريس على مضض، وينطلق برفقة مترجم أميركي أفغاني الأصل يدعى محمد (نافيد نغبان) يمتلك أجندة شخصية لم يصرّح عنها ولن يفعل حتى يصلا إلى موقع العملية. تنكشف العملية ويصبح البطلان تحت وابلٍ نيران جميع من يتواجدون في المنطقة: طالبان، المخابرات الباكستانية، المخابرات الإيرانية، الأميركيون، البريطانيون وسواهم. يتضح لاحقاً أنّه افتُضح أمر هاريس وحقيقة عمله في الشركة السويسرية على إثر تسريبٍ معلوماتي كبير. هنا يصبح هاريس صيداً مهماً لجميع قوى المخابرات في المنطقة. الكل يريد القبض عليه للحصول على مكاسب مبادلته. إنها منطقةٌ مفتوحةٌ على الصراعات، وهذا ما يظهره الفيلم بشكلٍ مباشر. ترتسم علامات استفهام وأسئلة كثيرة في العمل الذي لا يحاول حتى التفكير في الإجابة عنها، مع أنه يحسب له أنه لا يجرّم أحداً من الأطراف بخلاف تعريته للأمور كما يراها صنّاعه. مثلاً نجد العلاقة الملتبسة بين المخابرات الباكستانية وحركة «طالبان» التي عادت بقوة إلى الساحة في أفغانستان. تظهر في الفيلم قوّة المخابرات الباكستانية وسيطرتها على جوانب كبيرة في حركة «طالبان» وقدرتها على توجيهها. الأمر نفسه ينسحب على التواجد الأميركي في المنطقة ومراقبته لكل ما يحدث وانخراطه فيها. هذا الأمر هو إعادة تمظهر لنظرية «الأخ الأكبر يراقبك» التي اشتهرت بعد رواية «1948» للكاتب البريطاني جورج أورويل. إنها العين السرية التي تراقب كل ما يحدث من السماء، وهو ما تفعله أميركا اليوم عبر مسيّراتها وأقمارها الصناعية، إذ يلاحظ مثلاً أنّ ضابطاً أميركياً يجلس في مكتبه مرتاحاً، فيما يوجّه حركة الأمور على الأرض في أفغانستان وباكستان التي تبعد ملايين الكيلومترات عنه. إنه يمتلك قوة الحياة والموت عبر صواريخه، وطائراته، ومحمولاته، ومسيراته وهو ما يحدث فعلياً في الفيلم كما في الواقع اليوم.
نجح في اجتذاب جمهور أفلام «الأكشن»


قصة الفيلم كتبها ميتشيل لافروتون وهو عميل سابق في الاستخبارات الأميركية. وقد كتب مسوّدة الفيلم التي دعاها Burn Run وباعها إلى شركة Thunder Road films، بناءً على قصةٍ حقيقية حدثت معه إبان عمله في أفغانستان عام 2013، مشيراً إلى أن فضح العملاء جاء بعد قضية سنودين الشهيرة. أخرج العمل المخرج الأميركي ريك رومان وو الذي كان قد تعاون مع جيرارد باتلر في أفلام أكشن مهمة مثل «الملائكة سقطت» و«غرين لاند». أدائياً، يتقن الممثل الاسكتلندي جيرارد باتلر هذا النوع من الأعمال؛ هو الذي عرفه الجمهور مع فيلم «300» (2007) بشكلٍ كبير، من دون أن ننسى مشاركاته في أعمال كبيرة مثل Law Abiding Citizen و«أوليمبوس سقطت» (2013).... في «قندهار» كما في مختلف أفلام الأكشن من هذا النوع، نحن أمام قصّة سريعة، وأحداث متلاحقة منذ اللحظة الأولى. وقد أفاد المخرج من جغرافيا المكان في صحراء العلا، التي أعطته متسعاً مكانياً لتصوير «قندهار» فبدا كما لو أنه صوّر هناك.

* «قندهار» على «آبل» وقريباً على «شاهد»