تحت عنوان «جرائم ماكرة»، ‏تحتضن «غاليري مارك هاشم» معرضاً مشتركاً للأميركية موريسون بيرس واللبنانية الفنلندية ياسمينة نيستن بمبادرة من ريما ناصر الرئيسة التنفيذية لشركة Selections Arts. يضمّ المعرض مجموعة منتقاة لسلاسل مرسومة تتوّج رحلتَي الفنانتين وتعكس رؤيتهما القاتمة واللاذعة لعالمنا المعاصر. كلتاهما تأثرت بفن البوب ​​وبالرسم «التقدمي» الذي ازدهر في الثمانينيات والتسعينيات على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، فولدت على نحو مشترك بينهما سلسلة Die Famous وصولاً إلى سلسلة «السوق السوداء» التي ولدت في لقاء نيستن بمروّجي ممنوعات في مدريد عام 2022 يعرفون باسم «باندروس»، أي الشخص الذي يأخذ العسل من النار.
«بوسطة» (ديبتيك ـ القسم الأول ـ من سلسلة «متّ مشهوراً» ـــ مواد مختلفة على كانفاس ــ 122 × 152 سنتم ـــ 2022)

إنّه عالم «الأندرغراوند» الآسر الذي يفتن الرسّامة التي تتقن فنّ اللعب والعبث، فيظنّ الناظر إلى أعمالها أنّ ما ترسمه يتعارض مع الاتجاهات الراهنة في الفن الحديث. في حين يلجأ العديد من الفنانين إلى الواقعية المفرطة، تبحث نيستن عن أساليب متقنة لتجريديّتها، مثل طفل ينحو إلى اللهو والتلاعب بالأشكال، إذ تعمد إلى تبديل مواقع الأشخاص والأجساد، وتستمتع بألوانها الزاهية والحارّة، تماماً مثل رسوم الأطفال أو سلاسل الكوميكس.
تلهو بالخطوط وتُظهر شخوصها في حالة من اللامبالاة. الحياة بالنسبة إليها، لعبة، لكنّها لعبة شريرة. الحياة متاهة يضيع الإنسان داخلها، مراهناً على الربح، مع أنّه خاسر، مثل مقامر. القوّة والهشاشة متجاورتان لديها والإنسان القلق يُطلق عدوانيته. تنوّع نيستن أدوات تعبيرها بين باستيل وكولاج ورقيّ وأكريليك وطلاء بالرشّ.
أمّا موريسون بيرس، فتعرض لوحات منفذة بمواد مختلفة على القماش لتشكّل ما يشبه الجدارية المتحرّكة. تحاول التقاط باطن الإنسان ومشاعره. الألوان لديها تبدو مبهجة للوهلة الأولى، احتفالية، ليتبيّن أنّ شخوصها المرسومة من الخلف هي لأشخاص معنّفين، مضطهدين. الألوان ذات استخدام مضاد (contre emploi) للموضوع الكئيب، فهي حارّة، زاهية، قويّة، فضلاً عن الخطوط الجماليّة الدقيقة التي تتناقض مع فوضى الشارع المستلهمة منه، والعنف في الأحياء الشعبية.

* «جرائم ماكرة»: حتى يوم غدٍ ــــ «غاليري مارك هاشم» (مينا الحصن ــ بيروت) ـ للاستعلام: 01/999313
---
سيرة في سطور
درست ياسمينة نيستن (1988) الفنون البصريّة في جامعة الـ «ألبا» في بيروت كون أمها لبنانية، ثمّ حازت درجة الماجستير في الفنون الرقمية والرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد من معهد «برات» في نيويورك، وتعمل حصريّاً في الفن منذ إتمام دراستها. شاركت في معارض جماعية منذ عام 2006، وتُقيم منذ 2009 معارض منفردة بين نيويورك وبيروت.
أما الأميركية موريسون بيرس، فترسم منذ ثمانية وعشرين عاماً، اشتهرت باستخدامها الوسائط المتعدّدة في رسومها كي تعكس الواقع الاجتماعي المقلق في بلادها، وخصوصاً في العالم السفليّ والهامشيّ. أقامت العديد من المعارض في الغاليريات، وعرضت لوحاتها في متاحف عديدة، والأكثر إثارة هو عرض أعمالها في مبانٍ مهجورة في طول الولايات المتحدة وعرضها.