تونس | موجة غضب واستياء واسع استقبل بها الوسط الثقافي والإعلامي في تونس الدورة السابعة والخمسين لأعرق المهرجانات التونسية بسبب عرض الافتتاح مساء الجمعة 14 تموز (يوليو) الجاري الذي قدّمه الفنان فاضل الجزيري (1948) والسهرة الثانية «ليلة الضحك» التي جمعت بين كوميديين تونسيين وعرب مقيمين في فرنسا.معظم الفنانين الناشطين على شبكة الفايسبوك أجمعوا على فشل عرض فاضل الجزيري المسرحي الذي سمّاه «المحفل» وهو شكل احتفالي شعبي في الأعراس التونسية في الجنوب الشرقي يجمع بين الغناء والرقص والفروسية. وطالب بعض الناشطين على شبكة الفايسبوك بإقالة مدير المهرجان كمال الفرجاني (موسيقي أستاذ في المعهد العالي للموسيقى في تونس) واستقالة وزيرة الثقافة حياة قطاط بسبب ما اعتبروه «إهداراً للمال العام». وتحوّلت صفحات الفايسبوك إلى «محاكمة» لفاضل الجزيري ولمدير المهرجان والوزيرة، وخصوصاً مع الكلفة المرتفعة للعمل (حوالي 270 ألف دولار).
ورغم موجة الاستياء الغالبة، وخصوصاً بين المسرحيين والموسيقيين وحتى السينمائيين، دافع بعض المثقفين ليس عن عرض الافتتاح، بل عن تجربة فاضل الجزيري الذي كان من مؤسسي المسرح الحديث في تونس مع رفيق دربه الفاضل الجعايبي عندما عملا معاً في «مسرح الجنوب» في قفصة (وسط غربي) وعندما أسّسا فرقة «المسرح الجديد» التي كانت أول فرقة مستقلة عام 1975 وقدّما من خلالها أجمل أعمال المسرح التونسي مثل «التحقيق»، و«العرس»، و«غسّالة النوادر»، و«العوّادة». كما قدّم أعمالاً سينمائية استحضرت حركة التحديث في تونس مثل «ثلاثون». يضاف إلى ذلك أعماله المسرحية الناجحة مثل «النوبة» و«الحضرة». وقد كان في كل هذه الأعمال فناناً مغامراً ومجدّداً ولا يمكن نسف تاريخه الفني وتجربته الإبداعية التي تفوق الخمسين عاماً لمجرّد فشل عرض «المحفل».
ومن جهته دافع الجزيري المعروف بقلّة ظهوره في الإعلام على عمله، معتبراً أنّه عمل ناجح والدليل تفاعل الجمهور الذي لم يغادر المسرح الروماني في قرطاج. كما أنّ وزارة الثقافة لم تسهم سوى بأقل من الثلث في إنتاج العمل.
أما السهرة الثانية؛ «سهرة الضحك» فقد نالت غضب الناشطين بسبب الفرنسي من أصول مغربية المونولوجست A z الذي تفوّه بكلمات وُصفت بـ«النابية» وكانت بمثابة الصدمة وتمّ تداول مقطع الفيديو على نطاق واسع ودعا مروّجوه إلى استقالة فورية لمدير المهرجان كمال الفرجاني واتهموه في التفريط بالمال العام من أجل أعمال فاشلة.
وأمام موجة الغضب الفايسبوكي، تحوّل «مهرجان قرطاج» إلى قضية رأي عام ودعوات لتدخّل رئيس الجمهورية قيس سعيد، ما اضطر إدارة المهرجان إلى عقد مؤتمر صحافي عاجل مساء الإثنين. مدير المهرجان كمال الفرجاني دافع عن عرض الافتتاح، واعتبره من أنجح العروض، وقد كان تفاعل الجمهور كبيراً مع لوحات «المحفل» وإيقاعاته، ولم يغادر الجمهور المسرح إلا بعد نهاية العرض وعدد كبير من الجمهور لم يتوقّف عن الرّقص، مؤكداً على أهمية تجربة فاضل الجزيري في أعماله المسرحية وقراءته للتراث الشعبي والذاكرة الجماعية لدواخل تونس سواء في الريف أو المدن.
أما بالنسبة إلى عرض «ليلة الضحك»، فاعتذر عن «بذاءة» المونولوجست المغربي الفرنسي Az الذي قال إنّه طالبه بالاعتذار وحرمه من ميدالية المهرجان التي جرت العادة أن تمنح لكل المشاركين في المهرجان من باب الذكرى. ودافع الفرجاني عن هذه السهرة التي قال إنّها غطّت مصاريفها ولم تتسبّب في خسارة مالية للمهرجان، وبالتالي فإن السهرة ناجحة رغم «سقطة البذاءة». وستتواصل سهرات «مهرجان قرطاج» إلى الأسبوع الأخير من آب (أغسطس) في دورة يغلب على عروضها الطابع التجاري، وهو ما يعيبه العديدون على اختيارات هيئة المهرجان.