على «عهد» غسان كنفانيفي غياب النصوص المسرحية الجادة، وفي جو فلسطيني يستدعي الالتفات إلى الثقافة والفنون كبيئة لاحتضان المواهب، قدمت «فرقة الفينيق»، وهي أحد أجنحة «أكاديمية دار الثقافة الفنية» مسرحية «العهد» على خشبة «مسرح المدينة». والمسرحية مقتبسة عن رواية «حارة النصارى» للكاتب الفلسطيني نبيل خوري، وتتحدث عن قصة يوسف راشد الذي استشهد في عام 1967. أدت الممثلة مجدولين أبو ناموس دور زوجة الشهيد، وكان أداؤها مؤثراً متحدثةً بالفصحى، ومتنقّلة بين مناجاة الشهيد في حالة مستسلمة للضعف واليأس، إلى حالة الثورة والنضال، وإدراكها أنه شهيد ولا يموت. فالصراع هنا صراع داخلي، ومونودراما، حاولت الممثلة بصوتها أن تعكس ذلك الأسى والحزن، فسيطرت حالة من الصخب على المشهد لتصل إلى قناعة مطلقة بأنّ القدس ستعود يوماً.
تخلل المسرحية رقصات فنية على أنغام أغنية فيروز: «لأجلك يا مدينة الصلاة».


وقدمت المسرحية الزميلة تغريد عبد العال، وهي عضو في إدارة الأكاديمية، وجاء في كلمتها: «في ذكرى غسان، نمشي أولى خطواتنا على مسرح الثقافة الفلسطينية. لأننا رفاق غسان وأبناء فكرته ورؤيته. جئنا اليوم لنقول ما حلمنا به طويلاً، أن نستعيد تلك الفكرة التي شوّهتها الأشياء من حولنا، في عالم يحاول محو الهوية وتذويب الثقافة الوطنية في آبار الثقافات المستلبة.
سنبدأ بالمسرح، لأنه اللغة الضائعة في مجتمعنا، ولأنه المكان الذي نطلّ فيه على أنفسنا، فنراها في مرآة الأدب والموسيقى والرقص والشعر على خشبة تتسع لهمومنا وأفكارنا وأحلامنا وانكساراتنا. نقرأ أنفسنا على هذا المسرح لنكتشف السر، لننتقد أنفسنا وربما لنصوب ما فقدناه وما غيبته الانشغالات اليومية حولنا». وقال المخرج المسرحي عماد البيتم عن اختياره لهذه الرواية، إنّ الفكرة هي «فكرة الموت الذي نمجده في مسرحياتنا وأدبنا، وإظهار الجانب الإنساني فيه. وقد تحول اسمها إلى «العهد»، لأن الزوجين كانا متعاهدين على العيش سوياً. وقد شدتني هذه الرواية فقررت تحويلها إلى منجز بصري». علماً أنّ المسرحية ستُعرض اليوم في صيدا على «مسرح معروف سعد»، وفي طرابلس يوم 21 تموز (يوليو) على خشبة «المسرح الوطني».

وائل صالحة يحمل فخر الدين إلى إيطاليا
يمثّل الفنان اللبناني الأميركي وائل صالحة لبنان والولايات المتحدة في معرض دولي تنظّمه شركه «إي تي موندو» في فلورنسا. يتمحور المعرض حول موضوع «تبني الاختلافات وتعزيز الفهم الثقافي والحوار». يقدّم صالحة في المعرض سلسلة من لوحتين تحمل عنوان «فخر الدين الثاني» وتناقش الاختلافات الثقافية بين الشرق والغرب.


تستلهم الفكرة تجربة هجرة اللبنانيين الذين «يحملون لبنان في قلوبهم أينما حلوا لينقلوا خبراتهم وما يتعلمونه إلى بلدهم» على حد تعبير صالحة الذي يضيف: «مهما تغرّبنا عن لبنان، نظل نراه في كل شيء نختبره في بلاد الغربة. نريد للغرب أن يعرف تاريخنا وثقافتنا، كما نسعى لنقل الخبرات في التطور والتقدم العلمي والفني والثقافي إلى لبنان». ويتابع: «فخر الدين كان كذلك، ما إن أطل على فلورنسا وأعجب بعمرانها، نقل هذا الفن العمراني إلى لبنان وفلسطين أيضاً».
‎من خلال نهج مثير للدهشة يواكب تكنولوجيا العصر الحديث، يُعيد صالحة فخر الدين إلى فلورنسا بعد مرور 400 عام، إذ يسلط الضوء على تأثير منفاه العميق على لبنان وتشكيله الحضري في الوقت الحالي. تستكشف أعماله التفاعل بين التأثيرات الشرقية والغربية على الأوطان، وتؤكد على أهمية تبني التنوع الثقافي والحضري. وباستخدام تقنيات وتكنولوجيا جديدة، يدمج صالحة الواقع المعزز لتوصيل رسالته بطريقة جديدة حيث استخدم الذكاء الاصطناعي بمساعدة البحوث الأكاديمية السابقة لإعادة إنتاج صورة فخر الدين، وخلق مزج مثير للدهشة بين الفن والابتكار.
المعرض الذي يستمر حتى الخامس من آب (أغسطس)، لقي اهتمام المتلقّين، نظراً إلى قدرة صالحة على تجاوز الفجوات الثقافية من خلال أعماله الفنية المبتكرة. علماً أنّ صالحة من بلدة راس المتن (جبل لبنان)، هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث عمل في مجال الهندسة والفن، وأسّس استديو وغاليري «ويلز ارتس» في عام 2018، وشارك في العديد من المعارض الدولية. ‎ www.willsalha.com