بورتريهات فوتوغرافيّة للمصوّر القطريّ خالد المهنّدي، معلّقة اليوم وحتى التاسع والعشرين من الجاري في غاليري Art District منحها عنوان «الغسق» أو Twilight، سارداً فيها علاقات رجال ونساء في بيئة خاصة يعرفها جيّداً، ويمكن أن تمتدّ إلى مجتمعات أخرى في العالم. خمس عشرة فوتوغرافية تضيء على تجارب إنسانيّة تراوح بين القمع النفسيّ والتأمّل وتطهير الذات.
من المعرض (ورق تصوير هاينمولي ـــ 40 × 30 سنتم)

يتمتع خالد المهنّدي بأسلوبه وفرادته كـ«راوٍ» فوتوغرافيّ لمسائل إشكالية يُلهمها أشخاصٌ حقيقيّون ويغلّفها هو ببعض الغموض المحفّز على التفكير، مستخدماً كاميرا واحدة وعدستين، ومبتكراً اللقطات التي تضع مفردات العيش في بيئة محافظة مقابل جموح المخيّلة لديه. يضيء على العيوب الاجتماعية المانعة للتقدّم، فالصورة الفوتوغرافية لديه تتحدّى المعايير المزدوجة التي تحول دون المساواة بين الرجل والمرأة.
في إحدى فوتوغرافياته رجل بلا وجه (السلطة الذكورية بلا وجه لكونها متشابهة)، و«اللوحة البيضاء» لافتة في أسلوب المهنّدي الذي يقول: «لو عدنا إلى الأصل، زمن كان هناك رجل وامرأة فقط، لتساءلنا: كيف كان يجري التعامل بينهما؟ نخال كيف كان الجنسان يتواصلان ويبنيان بدافع من غريزة البقاء والحماية المتبادلة. فما الخطأ الذي حصل؟ لِمَ يتبادل رجال ونساء اليوم الأذى عاطفياً وجسدياً؟ لِمَ يُقدمون على كلّ ذلك؟!».
لا يبغي خالد المهنّدي مساءلة دينه أو ثقافته في فوتوغرافياته التي قد يُنظر إليها على كونها صادمة و«مستفزّة» وتخترق «المحرّمات»، بل هو يحضّ على الثورة ضدّ الضغوط الاجتماعية، ويدعو إلى تغيير سلوك الرجل الذكوريّ البطريركيّ مع المرأة، كي تتمكّن الأخيرة من عيش إنسانيّتها والتنعّم بكرامتها والخروج من الرجل. وثمة الكثير ممّا عاينه المهنّدي شخصياً وتألّم منه، فعبّر عنه بصدق وواقعيّة في هذه السلسلة الفوتوغرافية.
تجارب إنسانيّة تراوح بين القمع النفسيّ والتأمّل وتطهير الذات


في الجانب الفنّي والتكوينيّ، تعمّد الفنان طغيان الأبيض والأسود، فالأحاديّة اللونيّة تعزّز المعنى الدراميّ وتضفي مسحة من التقشّف الملائم للموضوع. أمّا استخدام الألوان بالحدّ الأدنى (الأزرق للأرائك، والأحمر للزيّ التقليدي على سبيل المثال)، فلإضفاء ملمح جماليّ على اللوحة الفوتوغرافية وللأمانة التراثية. لا يلجأ الفنان القطري إلى أي تعديل (فوتوشوب) بعد التصوير، ولعلّ الخلفيّة البيضاء الجميلة والمميّزة في أعماله تعبّر عن فراغ وغياب للعلاقة الإنسانية. علماً أنّ ثمة فوتوغرافيات ثلاث ذات خلفية سوداء، للإيحاء ربّما بأنّه حتى في الظلام ينبعث بصيص من نور وأمل.

* «الغسق»: حتى 29 تموز (يوليو) ــ غاليري Art District (الجميزة ـ بيروت) ـــ للاستعلام: 81/680069