على الشاشة الكبيرة، ما عادت العلامات التجارية، وخصوصاً تلك المرتبطة بالموضة والأزياء، تكتفي بالأدوار الثانوية. وهذا يبدو جليّاً في مشاريع عدّة أبصرت النور خلال السنوات الماضية، بدءاً من «هاوس أوف غوتشي» لريدلي سكوت، وصولاً إلى فيلم «باربي» الذي ولّد حمّى تجتاح العالم هذه الأيّام ووصلت إلى عالم الأزياء والموضة. قصة حبّ طويلة مصنوعة من السينما والموضة، جمعت أوبير دو جيفنشي وأودري هيبورن. تصاميم الملابس التي صنعها جيفنشي لملهمته، تعدّ من أشهر التصاميم في تاريخ الفن السابع. هل يمكننا أن ننسى الفستان الأسود الأيقوني الذي ظهرت فيه هيبورن في فيلم «الإفطار عند تيفاني» (1961)، أو فستان فيلم «سابرينا» (1954)، أو أزياء فيلم «وجه مضحك» (1957)، وخصوصاً الفستان الأحمر الذي ارتدته على أدراج متحف اللوفر؟ إيف سان لوران وكاترين دونوف ولويس بونويل صنعوا المعجزات في فيلم «بيل دو جور» (1967)، بأزياء رسمت شخصية سيفيرين المزدوجة في الفيلم... تلك المعاطف البسيطة والملابس الأكثر إغراءً، وخصوصاً ذلك الفستان المصنوع من الفينيل. وحتى الأحذية التي صنعها روجيه فيفييه، أصبحت مشهورة باسم «بيل فيفييه» بعد صدور الفيلم. لا يمكن أن ننسى أيضاً أزياء جان بول غوتييه في فيلم «العنصر الخامس» (1997)، أو ميوتشيا برادا في فيلم «غاتسبي العظيم» (2013)، وحتى باكو رابان في فيلم «باربيريلا» (1968). الموضة والسينما، عالمان قد يكونان مختلفين، لكنّهما ارتبطا منذ أيّامهما الأولى. هناك أفلام وثائقية عن مصمّمي الأزياء وخياطي فساتين أحدثوا ثورة اجتماعية من خلال الموضة، على رأسهم كوكو شانيل التي حرّرت المرأة من الكورسيه وألبستها البنطلون، وأخرى تحكي عن مصممين خياليين أو حقيقيين، ووثائقيات عن شركات الملابس الكبرى، وأفلام من إخراج خبراء في مجال الموضة، ومصممين قدّموا أعمالهم لممثلات ليظهرن بها على الشاشة الكبيرة، وحتى أفلام الرعب قدّمت ملابس قاتلة! في ما يلي بعض أشهر الأفلام التي دخلت عالم الموضة بكعوب عالية.
«الشيطان يرتدي برادا»
(إخراج ديفيد فرانكل ــ 2006) ــ نتفليكس



تبدأ الشابة «أندي» (آن هاثاواي) في العمل كمساعدة لرئيسة تحرير مجلة الأزياء الشهيرة «ميراندا بريستلي» (ميريل ستريب). تجد «أندي» نفسها في عالم الموضة الصارم والمليء بالتحديات. تواجه ضغوط العمل الشاقة و«ميراندا» الصارمة والمتطلبة. بشكل عام، يتناول الفيلم موضوع الطموح والتوازن بين الحياة الشخصية والمهنية والضغوط الاجتماعية والثقافية في صناعة الموضة. يبرز الشريط العلاقة المعقدة بين الموضة والقوة والتضحية، كما يلقي الضوء على الأهمية الكبيرة للمظهر الخارجي في هذا المجال.

«كوكو قبل شانيل»
(إخراج آن فونتين ــ 2009) ــ +Apple TV



يروي «كوكو قبل شانيل» سيرة المصممة الشهيرة كوكو شانيل (1883 ـــ 1971)، قبل أن تحقق شهرتها العالمية. يتناول الفيلم فترة المراهقة والشباب المكبر لشانيل وكيفية تأثير تجارب حياتها على تطورها كمصممة أزياء بارزة. يُظهر رحلة شانيل منذ طفولتها الصعبة في دار الأيتام حتى اكتشاف موهبتها في مجال الخياطة والتصميم. نرى في الفيلم الصعوبات والتحديات في عمل صناعة الموضة التي كانت محكومة بالتصاميم التقليدية والقيود الاجتماعية للمرأة. تتناول القصة علاقات شانيل مع الرجال الذين تأثّروا بتصاميمها وأفكارها، بما في ذلك الأمير الإنكليزي الشهير بوي ديبوتيل وصديقها المقرّب إتيان بولسون. إنّه فيلم نسوي في مكان ما، إذ يروي جرأة شانيل في تلك الحقبة وتحريرها المرأة من الكورسيه والأزياء الصارمة والخانقة التي كانت مرآة لحقبة زمنية حاصرت المرأة طويلاً!

«ملابس جاهزة»
(إخراج روبرت ألتمان ــ 1994) ــ «برايم فيديو» و«غوغل بلاي»



فيلم كوميدي درامي يستكشف عالم صناعة الموضة وعروض الأزياء الجاهزة، يتناول العديد من الشخصيات المتشابكة في هذا العالم، بمن فيهم المصممون والعارضات والصحافيون والمشاهير. تقع أحداث الفيلم في باريس خلال أسبوع الموضة، حيث يتم استعراض تصاميم الملابس الجاهزة للموسم الجديد. يستخدم العمل السخرية والفكاهة لاستعراض مختلف الجوانب الطريفة والعجيبة في صناعة الموضة، كما يكشف الجوانب الغريبة والسطحية والقسوة في هذا العالم، وكذلك العواطف والأحلام. يجمع الفيلم أهم الأسماء في عالم السينما والموضة مثل صوفيا لورين ومارسيلو ماستروياني وأنوك إيمي، وأيضاً جوليا روبرتس وكيم باسنغر.

«هاوس أوف غوتشي»
(إخراج ريدلي سكوت ــ 2021) ــ «برايم فيديو»



استند ريدلي سكوت في هذا الفيلم إلى إحدى أبرز الجرائم في إيطاليا خلال تسعينيات القرن الماضي، المتمثّلة في اغتيال ماوريتسيو غوتشي، وريث دار الأزياء الإيطالية الشهيرة، بتدبير من زوجته السابقة باتريزيا ريجاني. في إطار من الدراما، تدور أحداث العمل حول قصة مؤامرة المرأة الملقّبة بـ«الأرملة السوداء» لقتل زوجها، والتاريخ المظلم للعائلة الأشهر في تاريخ صناعة الموضة. شكّلت هذه الجريمة انتقاماً بارداً بعد سنوات من الزواج ومسيرة تصاعدية في عالم الأزياء والفخامة، وجاءت بالتوازي مع سقوط الدار الكبيرة، المملوكة لعائلة غوتشي، وبيعها إلى مجموعة مالية. وفيما تقول ريجاني إنّ الشريط صُوّر من دون استشارتها، إلا أنّه حصل على موافقة «غوتشي» التي منحت سكوت إمكانية الوصول إلى أرشيف خزانة الملابس لتسهيل عملية تصميم الأزياء والحصول على الدعائم الخاصة بالمشروع.

«إيف سان لوران»
(إخراج جليل لسبير ــ 2014) ــ «برايم فيديو» و+Apple TV و«غوغل بلاي»



فيلم سيرة درامي يستند إلى حياة المصمم الفرنسي الشهير إيف سان لوران (1936 ـــ 2008). يغطي حياة سان لوران منذ بداية مسيرته في صناعة الموضة حتى نجاحه وتأثيره الكبير على عالم الموضة العالمي. تركز القصة على الجوانب الشخصية والمهنية للمصمم، بما في ذلك علاقته بشريك حياته بيار بيرجيه ودعمه الذي أعطاه الثقة للتعبير عن إبداعاته. يتناول الفيلم أيضاً العلاقات الشخصية لسان لوران، وصلته بالمصمم كارل لاغرفيلد. كما يقدّم لمحة على إرث المصمم الأسطوري، والتحديات التي واجهها طوال حياته.

«فالنتينو: الإمبراطور الأخير»
(إخراج مات تيرناور ــ 2008) ــ «برايم فيديو» و+Apple TV



وثائقي يسرد سيرة المصمم الإيطالي الشهير فالنتينو غارافاني (1932)، يتتبع رحلته في عالم الموضة والتصميم، ويركز على العمل الإبداعي الذي قدمه خلال مسيرته المهنية. يستكشف الفيلم حياة فالنتينو الشخصية والمهنية، بما في ذلك علاقته المميزة بشريك حياته الخاصة والمهنية جينكارلو غياميتي، وتحديات الحفاظ على الهوية الفريدة لعلامته التجارية في وجه التغيرات في صناعة الموضة. نرى في العمل لحظات مهمّة في حياة المصمم الشهير، مثل الاستعداد لعروض الأزياء الكبيرة والتحضيرات الدقيقة للتفاصيل، بالإضافة إلى لقاءاته مع العديد من الشخصيات البارزة في عالم الموضة والفن مثل كارل لاغرفيلد ودوناتيلا فيرساتشي وتوم فورد وغيرهم. يظهّر الفيلم أيضاً جانباً من الروح الفنية لفالنتينو ورؤيته الفريدة للأناقة والجمال، وكذلك التفاني والشغف الذي يبذله لتحقيق رؤيته الإبداعية. يقدّم الوثائقي نظرة ممتعة ومثيرة لحياة هذا العظيم، ويعكس تأثيره الكبير على صناعة الموضة وتراثه المستمر في عالم التصميم.