كانت الرحلة طويلة وشائكة بالنسبة إلى الممثل المخضرم. بدأت من دمشق، وتحديداً من حيّ قديم عُرف بحي الأكراد. عاش طفولته محروماً من أبيه، إذ كانت أمه المعيلة الوحيدة للأسرة. خبرة الوالدة الواسعة في شؤون الحياة وتمسّكها بـ«الأخلاق الحميدة والمبادئ السامية»، ساعدته على اكتساب المعارف. وبقيت أمّه طوال حياته الملهمة الأولى والأخيرة التي لا تغيب عن أي حديث وجداني معه. أما تورّطه في مجال الثقافة وصوغ الشخصية الحادّة التي لا تهادن في العلم، فنابعان من شخصيات المسرحيات العالمية التي قرأها باكراً، فأخذه هذا العالم نحو عشق اللغة ومن ثم الشغف بمهنة التمثيل.
انضم في ستينيات القرن الماضي إلى نادي «الأزبكية» الفنّي
احترف المهنة أثناء خدمة العلم الإلزامية، وتحديداً ضمن المسرح العسكري. الوقت الذي يعتبر بالنسبة إلى أي سوري ضائعاً، كان مختلفاً بالنسبة إلى محمود جركس الذي طوّعه لخدمة موهبته التي كرّسها بمنطق لغوي فصيح وتلقّف للشعر والوزن والقافية.
في ستينيات القرن الماضي، انضم إلى نادي «الأزبكية» الفنّي، بعدها قدّم بصحبة مديره مسرحية بعنوان «أريد أن أقتل»، بمشاركة عدد من الأدباء والكتّاب. كما انتسب هذا العمل لقطاع المقاومة الشعبية، وكانت حينها ثورة الجزائر مشتعلة وقد تركت آثارها البليغة في نفوس الجماهير العربية بشكل واضح.
توالت الأعمال عليه إلى أن أصبح في رصيده أكثر من 60 مسرحية وعشرات الأعمال التلفزيونية والإذاعية، أبرزها: «حمام القيشاني» (تأليف دياب عيد، وإخراج هاني الروماني)، و«الفراري» (تأليف وإخراج غسان باخوس)، و«شجرة النارنج» (تأليف حسن سامي يوسف، وإخراج سليم صبري)، و«صقر قريش» (تأليف وليد سيف، وإخراج حاتم علي)، و«بقعة ضوء ج3» (مجموعة كتّاب، وإخراج ناجي طعمي).