عندما أعلن محمد رمضان عن نيّته إحياء حفلات في سوريا، قامت الدنيا ولم تقعد. أصدرت «نقابة الفنانين» السوريين بياناً تنفي فيه نيّتها السماح له بذلك أو علمها بالجهة المنظمة، كما برزت أصوات منتقدة لحضور الممثل والمغني المصري، صاحب السوابق في التطبيع مع الصهاينة. كذلك، أصدرت وزارة الإعلام السورية بيان اعتذار رسمياً بسبب استضافة برنامج «جذور» على الفضائية السورية للكاتب المصري يوسف زيدان بسبب اتهامه بالتطبيع أيضاً، بعد جلبة كبيرة على السوشل ميديا وخضوع فريق البرنامج للتحقيق.لكن مع إعلان مهرجان «ليالي قلعة دمشق» قبل أسابيع عن حفلة ضمن فعالياته للمغني التونسي صابر الرباعي بعد انقطاعه عن سوريا لمدّة 12 عاماً، بدا الواقع مختلفاً على الرغم من بعض الاستنكارات الافتراضية، تزامناً مع بدء لجنة الحقوق والحريات في البرلمان التونسي مناقشة قانون تجريم التطبيع، وإلغاء حفلة آمال المثلوثي ضمن «مهرجان الحمامات» على خلفية حفلات المغنية التونسية في القدس المحتلة وبيت لحم ورام الله خارقة بذلك مبدأ مقاطعة إسرائيل.
أقيمت سهرة صابر الرباعي، أوّل من أمس الأحد، في ساحة القلعة التاريخية بحضور آلاف، من دون أن نسمع صوتاً معترضاً بشكل رسمي، أو نقرأ بيانات احتجاج، أو ما شابه. تناسى كثيرون زيارة صاحب أغنية «أتحدّى العالم» إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 2016. حينذاك، تعرّض «أمير الغناء العربي» لحملة انتقادات واسعة بعد انتشار صورة له يبدو فيها مبتسماً إلى جانب ضابط ارتباط إسرائيلي أثناء مغادرته «معبر اللنبي» (بين الأردن وفلسطين)، قبل توجّهه لإحياء حفلة في مدينة «الروابي» في الضفة الغربية المبنية على شكل مستوطنة إسرائيلية. قبل سبعة أعوام، صوّب صابر الرباعي على «الصحافة المأجورة» وأولئك الذين «يصطادون في المياه العكرة»، مستخفّاً بكل اتهامات التطبيع التي قوبل بها، ومشيراً في لقاءات إعلامية عدّة ومقطع مصوّر نشره على الإنترنت، إلى أنّ المدعو هادي الخطيب (من عرب الـ 48) الذي «يتحدّث العربية بطلاقة»، قدّم «لي تسهيلات على المعبر، كي لا أتعطّل وأنتظر كثيراً، في سياق التنسيق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي». ووضع «أبو إسلام» ما حصل في خانة «الجرأة وكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني».
على الرغم من هذه الحادثة، وصل الرباعي إلى سوريا، حيث عقد مؤتمراً صحافياً عبّر فيه عن سعادته لوجوده فيها بعد سنوات من الغياب، وأكد أنّه «يجدّد العهد مع الجماهير السورية وقد أصرّ على الوجود هنا»، فيما «ذلّل كل العقبات لملاقاة الجمهور السوري الحبيب».
لكن هناك من سأله عن إعادة نشر الصورة مع الضابط الإسرائيلي، فردّ بوضوح، قائلاً: «نحبّ أن نبني لليوم وغداً ولا يجب الاصطياد في المياه العكرة، وأرفض التشكيك في الوطنية». وأضاف: «سبق أن أوضحت ملابسات ما جرى... في المواضيع التي تمسّ عمق قضيتنا الأولى والمركزية فلسطين، يتعمّدون استعمال الفنانين لأنّهم مؤثّرون».