تونس | بعدما أعلنت شبكة mbc أنها لن تعرض مسلسل «معاوية» في شهر رمضان الماضي، كشفت الشبكة السعودية فجأةً عن استكمال تصوير العمل الدرامي. كان وقع الخبر صادماً على المتابعين، وخصوصاً أن ملفّ المسلسل التاريخي الذي يتناول سادس الخلفاء في الإسلام ومؤسّس الدولة الأموية في الشام وأوّل خلفائها، قد تمّ إقفاله كلياً قبل حلول شهر الصوم الماضي، ولم يعد مادةً مهمةً في الصحافة العربية. يومها، حسمت الشبكة التي تأسست في تسعينيات القرن الماضي، خبر عدم بثّ «معاوية» بعد سلسلة مشكلات إنتاجية تعرّض لها المسلسل خلال تصويره في تونس، إلى جانب البلبلة التي أثارها خبر انطلاق تصوير «معاوية»، وصلت إلى حدّ اعتراض زعيم التيّار الصدري في العراق مقتدى الصدر عليه، طالباً من mbc صرف النظر عنه لأنّه يجدّد «الجرح الإسلامي» على حدّ تعبيره.
يؤدي السوري لجين إسماعيل دور معاوية

هكذا، عاد الكلام عن «معاوية» في الوقت الحالي، لكن هذه المرّة، ستطال التغييرات فريق عمله، مع إجراء تعديلات على السيناريو والإخراج. وما وردنا من معلومات حتى الآن يشير إلى أنّ المسلسل يركّز على الأحداث الإشكالية التي تعمل على إثارة النعرات الطائفية فقط، وهذه لعبة تتقنها mbc جيداً، إلى جانب نص ركيك كتبه المصري خالد صالح، ولا يستند إلى أي وقائع تاريخية متفق عليها من قبل علماء الدين أو التاريخ. هكذا انطلق تصوير «معاوية» في مدينة توزر (جنوب غرب تونس) الأسبوع الماضي، تحت إدارة المخرج أحمد مدحت، بدلاً عن طارق العريان الذي كان عرّاب العمل وصوّر بعض مشاهده قبل عام، ليعلن لاحقاً عن انسحابه منه من دون شرح الأسباب. وبرّر العريان في تصريحات إعلامية، انسحابه من العمل بأنّه «يتطلب جهداً كبيراً، مثل تصوير قرابة سبع معارك ضمن أحداث العمل» على حد تعبيره.
اللافت أن المخرج أحمد مدحت لا يتمتّع بأي خبرة لافتة في إخراج المسلسلات التاريخية، بل جلّ ما قدّمه هو مجموعة صغيرة من المشاريع الدرامية المصرية «المتواضعة» فقط.
رغم انطلاق تصوير العمل وعودة الحياة إليه، لكن المسلسل بصيغته الجديدة، أحيط بالكثير من التكتّم والسرّية. إذ لا يُعرّف ما يصوّر حالياً: هل هو جزء ثان من العمل الذي صوّر العام الماضي ولم يتم الانتهاء منه أم أنه تكملة للجزء الأول الذي لم يبث، أم صيغة جديدة للمسلسل بعد تغيير المخرج؟!.
على الضفة نفسها، يجري تصوير «معاوية» في مدينة توزر (جنوب غربي تونس) والقرى المحيطة بها، وهي منطقة شبيهة جداً في جغرافيتها بجنوب العراق. كما سيتم التصوير في مدن تونسية أخرى، منها مدينة القيروان (تبعد 160 كيلومتراً عن تونس العاصمة) وهي تعتبر ثالث العواصم الإسلامية، ومدينة المنستير، تحديداً في معلمها الشهير رباط المنستير الذي يُعد من أهمّ وأقدم الحصون الدفاعيّة الإسلامية في المغرب العربي.
سيعمل أحمد مدحت على رؤية جديدة أقلّ صداميةً


في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ فريق التصوير يضم حوالي 350 عنصراً يتوزّع بين ممثلين وتقنيين. هذا الفريق الكبير، أحدث حركة لافتة في الجهة المعروفة بطابعها السياحي، التي احتضنت تصوير أعمال سينمائية وتلفزيونية تونسية وعربية وأجنبية، مع العلم أنّ السوري لجين إسماعيل يؤدي دور معاوية، بينما يجسّد الأردني إياد نصّار دور الإمام علي بن أبي طالب. كما يشارك فيه عدد من الممثلين التونسيين، من بينهم: عائشة بن أحمد، وجميلة الشيحي، وسهير عمارة، وجمال المداني، ومنصف العجنقي، ومراد الغرسلي، وغيرهم.
توضح المصادر أن الجزء الحالي من «معاوية» هو الثاني له، يتضمن إعادة صياغة لما تم تصويره العام الماضي في تونس، مع الأخذ في الاعتبار المصالحة السعودية الإيرانية التي ألقت بظلالها على المسلسل.
من هذا المنطلق، تتحدث المعلومات عن أنّ أحمد مدحت سيعمل على تقديم رؤية جديدة أقلّ صداميةً في تناول الخلاف الذي قسم المسلمين على إثر مقتل علي بن أبي طالب وولديه، وتولي معاوية الحكم وتأسيس الدولة الأموية.