تنفرد عروس المصايف إهدن (شمال لبنان) هذا الصيف بإقامة المعرض السادس عشر للكتاب الذي ينطلق اليوم ليستمرّ حتى عشرين آب (أغسطس) الحالي، في ساحة الميدان وسط البلدة. يواظب «اللقاء الثقافي» في زغرتا الزاوية على هذا التقليد الثقافي منذ عام 2008 حين تشكّلت نواة لمجموعة مثقّفة أطلقت على نفسها اسم «بالعكس» توزّعت بين البلدة الساحلية زغرتا والمصيف إهدن الذي ينتقل إليه أهلها بالكامل في بداية كل صيف. مبادرة أثمرت عن معرضين لاحقين عامي 2009 و2010، وإنشاء مجلة بعنوان «مقابلات.كوم» كانت سبّاقة في عالم النشر الرقمي، لتنضج رؤية المجموعة حول الثقافة وتنشيطها في قضاء زغرتا بعد المعرض الرابع، وتطلق على نفسها اسم «اللقاء الثقافي في زغرتا-الزاوية».
تشكّل الدورة الحالية نقلة نوعية على مستويات عدّة

يؤكد نزار عاقلة، أحد منسّقي المعرض في حديث مع «الأخبار»، أنّ الدورة السادسة عشرة هذا العام (14 فعلياً نظراً إلى غياب المناسبة عامي 2020 و2021 بسبب وباء كوفيد 19) تشكل نقلة نوعية على مستويات عدّة، مقارنة بدورة 2019، سواء على مستوى طريقة عرض الكتب التي كانت تقليدياً تقوم على ركيزتين وعارضة خشبية داخل خيم منصوبة مقارنة بـ «ديسبلاي» عصري جذاب من حديد وخشب مصمّم بالكامل بهندسة محلية، يتسع لما يقرب من 16 ألف كتاب على منصة متحركة (3x9 أمتار) تتبع منطق لعبة الليغو. كما يمكن للمنصة الثلاثية على شكل حرف U أن تستحيل شكلاً مربّعاً تتحول إلى فضاء للحوار في قلب المكتبة. يرى عاقلة أن تثبيت عمومية ساحة الميدان في مواجهة بعض أصحاب المقاهي والمصالح الخاصة لقضم مساحات منها، وتكريسها كحيّز عام للحوار والانفتاح والتلاقي أمر يقع في صميم رؤية المجموعة المنظمة، التي ــــ وإن انضوت على خلفيات ثقافية وسياسية متنوعة (وإن غلب عليها الطابع اليساري) ــــ إلا أنها تتقاسم رؤية مدنية موحّدة تسعى إلى خلق مساحة ارتياح مع المحيط المحافظ في عاداته وإعادة حياكة هذه العادات وتكييفها مع العصر.

تحية إلى المعلّم منير أبو دبس يوجّهها عرض الفنان سيمون القندلفت

يتابع عاقلة أنّ الهيئة المنظمة وضعت كل إمكاناتها في تطوير المكننة والبرمجيات الإلكترونية في سبيل إعادة الكتاب إلى الواجهة وذلك بعرض الكتب طوال أيام المعرض العشرة ضمن إطار جذاب بحسب الموضوع أو مجال التأليف، ناهيك بالأسعار المخفّضة التي أمكن تحصيلها من دور النقل المختلفة. كما أرست اللجنة المنظمة تقليداً يقتضي بتثبيت أسعار بعض الكتب المتبقية من الدورات الماضية بسعر 20 ألف ليرة لبنانية فقط لا غير لمواجهة خطر انحسار القراءة كنتيجة للأزمة المعيشية الخانقة. إلا أن العلامة الفارقة الأبرز لهذه الدورة هي البرنامج الثقافي المتنوع الذي يبدأ بتوقيع كتاب «الاستئناس بالعدم» (للشاعر فوزي يمين ـــــ السبت 12 ، الخامسة مساءً). كما يتضمن البرنامج الأدبي الفني عرضاً مسرحياً للفنان سيمون القندلفت الذي يروي تجربته من العمل مع المسرحي الرائد منير أبو دبس وصولاً إلى فرقة «الديوان المحلية» (الثلاثاء 15، السابعة مساءً)، وعرضاً للتجربة الفوتوغرافية للمصور سميح زعتر (الأربعاء 16 آب، السابعة مساءً)، وحواراً مع الشاعر أنطوان الدويهي («عالم بين الأدب والجمال»، الخميس 17، من السابعة إلى الثامنة مساءً)، وتحية إلى الشاعر أسعد السبعلي، شاعر الضيعة بلغته البسيطة النقية التي أرّخت لشخصيات الضيعة وأحداثها وجماليّاتها (الجمعة 18، السابعة مساءً).
يتضمن البرنامج نقاشات عامة حول الهويات الجنسية والجندريّة والذكاء الاصطناعي وغيرها

يتضمن البرنامج نقاشات عامة أربعة جرى تثبيتها بين الخامسة والسادسة والنصف مساءً، تدشنها ندوة بعنوان «الهويات الجنسية والجندريّة، إلى أين؟» تهدف إلى استكشاف جوانب متنوعة (اجتماعية، نفسية، وراثية، ثقافية) من الهويات الجنسية والجندريّة ونقدها «علمياً» في بيئة حوار محايدة وشاملة (الثلاثاء 15)، يليها الذكاء الاصطناعي («الذكاء الاصطناعي هل هو ذكي؟»، الأربعاء 16)، ثم الموهبة وتفكيك شيفرتها («هل الموهبة وهم؟»، الخميس 17)، وتختتم بمناقشة الأزمة الاقتصادية في لبنان («هل وراء أزمة لبنان هويات اقتصادية قاتلة؟»، السبت 19).

* «المعرض السادس عشر للكتاب»: بدءاً من اليوم حتى 20 آب (أغسطس) ـــ ساحة الميدان، إهدن (شمال لبنان)