كان يمكن لحفلة عمرو دياب عند واجهة بيروت البحرية مساء السبت أن تكون تاريخية بحق لولا الهفوات والسقطات المهينة التي وقعت فيها الجهة المنظّمة ( Velvet productionz وVenture Lifestyle) قبل أن تحاول التنصّل منها ببيانات واهية، بدءاً من محاولة منع الصحافيين من الكتابة النقدية عن الأمسية وصولاً إلى ترك النفايات التي خلّفتها الحشود (أكثر من 10 آلاف شخص) في المنطقة المحيطة بموقع الحفلة.على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر المغرّدون عن ذهولهم من الأعداد الهائلة التي أمّت واجهة بيروت البحرية بلباسها الأبيض تعبيراً عن «العرس الذي تعيشه بيروت» (شعار أجوف ومدّع رفعه المنظّمون) كأنّ البلد لا يشهد أزمةً اقتصادية ومعيشية هي الأسوأ في تاريخه، إلى جانب سابقة تمثّلت في «تكميم» أقلام الصحافيين الذين أرادوا تغطية الأمسية وتحويلهم إلى موظّفي علاقات عامّة هدفهم الترويج للفنان المصري وللأمسية. هكذا غطّى الجدل على الأمسية التي بدأها دياب قائلاً: «وحشتوني جدّاً... أحلى جمهور في الدنيا»، معبّراً عن شوقه للبنانيين الذين غاب عنهم لأكثر من 12 عاماً. ثم قدّم أشهر أغنياته الحديثة والقديمة العالقة في الذاكرة، على مدى أكثر من ساعة ونصف ساعة. وكان دياب قد أطلّ على المسرح بعدما كان «دي. جاي» رودج قد افتتح السهرة بعرض طغت عليه الأغنيات المخصّصة للبنان وبيروت. صحيح أنّ نجاح الحدث كان واضحاً، لكنّ شوائب عديدة شابته، على رأسها السقطة الكبيرة التي سجّلها المنظّمون الذين ربطوا حصول الصحافيين والمصوّرين على دعوات لتغطية الحفلة بتوقيعهم تعهّداً يمسّ جوهرَ تأديتهم لوظيفتهم وحقّهم بالتعبير والكتابة بحرية عن الحفلة. نصّ التعهّد الوقح الذي تمّ تداوله بكثرة على مواقع التواصل، شمل: «عدم التصريح أو كتابة مقال أو منشور من شأنه الإساءة إلى قيمة الحفلة أو إلى شخصية عمرو دياب أو إلى الشركة المنظّمة»، إلى جانب حقّ دياب والشركة المنظّمة المطلق بـ«طلب حذف أي مقال أو تصريح منشور أو متداول به عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية عند مخالفة الشروط من دون الحاجة إلى إنذار أو مراجعة القضاء». هذا ما دفع «نادي الصحافة» إلى إصدار بيان أكّد فيه أنّ ما حصل «يتنافى مع حرية الرأي والتعبير التي نناضل من أجل بقائها، ويضرب عرضَ الحائط بالدستور والقوانين اللبنانية التي تكرّس حرية التعبير». وطالب دياب ومنظّمي الحفلة بـ«اعتذار علني»، ووزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، زياد المكاري، بـ«اتخاذ موقف مما حصل منعاً لتكرار هكذا ممارسات لا تمت إلى الثقافة اللبنانية بصلة». كما دعا «الصحافيين ووسائل الإعلام إلى مقاطعة أي نشاط سياحي يفرض شروطاً تحدّ من حرية الرأي والتعبير». وفي السياق نفسه صدر بيان احتجاجي عن نقابة المصوّرين الصحافيين. وكان بعض الصحافيين قد أعلنوا عن مقاطعة الحفلة احتجاجاً على هذه الخطوة المهينة بحقّ الصحافة وحرية الرأي والتعبير في بلد شكّل تاريخياً منبراً لمختلف التوجّهات والتيارات الثقافية والفنية والفكرية. بعد هذه الضجة، أصدرت الجهة المنظّمة بياناً أمس تتنصّل فيه من التعهّد، زاعمةً أنها قصدت فقط الصحافيين الذين أرادوا إجراء مقابلة مع دياب وراء الكواليس. أما النفايات التي انتشرت في المنطقة التي احتضنت الحفلة، فسرعان ما رفعها متعهّد النفايات في بيروت تحت إشراف البلدية، في غياب أي احترام ومسؤولية أخلاقية واجتماعية للجهة المنظّمة. هكذا ظلّ عمرو دياب تريندينغ على تويتر طوال يوم أمس، بين جدل كبير أحاط بالحفلة، و«الحروب الصغيرة» التي اندلعت بين عشاق «الهضبة» والمنتقدين الذين رأوا في هذه «الهمروجة» اغتراباً عن حياة الناس.