أمام هذا الواقع، طرح مثقفون وناشطون ومسرحيون أسئلة عدّة حول ما يجري. وفي هذا السياق، دعا المنتج السينمائي والمسرحي الحبيب بلهادي إلى ضرورة مراجعة سياسة المهرجانات. كما دعا المخرج المسرحي نزار السعيدي زملاءه إلى مقاطعة مهرجانات الصيف، فيما طالب المسرحي الحبيب المنصوري، مدير مهرجان «مسرح البحر الأبيض المتوسط»، مقاطعة هذه الأحداث لأنّها «لا تحترم المسرحيين»، على حدّ تعبيره. واشتكى المنصوري من ضعف الميزانية المخصّصة لـ«مسرح البحر الأبيض المتوسط»، في الوقت الذي تتمتع فيه أحداث أخرى بميزانيات كبيرة رغم ضعف برامجها. علماً أنّ الإنتاج المسرحي في تونس، يتجاوز، بحسب الإحصاءات الرسمية، مئة عمل في السنة، مدعومة بنسبة تصل إلى مئة في المئة من الدولة، سواءً على مستوى الإنتاج أو التوزيع في المحافظات. وعلى الرغم من وجود 27 فرقة مسرحية تابعة للدولة، لا نجد لها أثراً يُذكر في المهرجانات، حتى داخل المحافظات التي تنبثق منها!
اقتصرت على عروض النجوم والفنّ الشعبي والموسيقى في بداية التسعينيات
بدأ تغيير مضامين المهرجانات واقتصارها على عروض النجوم والفنّ الشعبي والموسيقى في بداية التسعينيات، حيث كانت «وزارة الثقافة» تعدّل هذه المهرجانات في مستوى البرامج وتفرض بعض العروض. أما خلال العشرية الأخيرة، فقد فقدت الوزارة سلطتها على المهرجانات التي أصبحت تدار عبر جمعيات أهلية، وتكتفي بصرف الميزانيات من دون أي تدخّل. وهو ما يدعو كثيرون إلى مراجعته حتى تستعيد هذه الأحداث طابعها الثقافي.
رغم الجدل حول هوية المهرجانات ومضامينها، يمكن اعتبار مهرجانات هذا الصيف ناجحة بمقياس الجمهور. فقد لوحظ حضور كبير في مختلف العروض التونسية والعربية والأجنبية، من الشمال إلى الجنوب. كما لم تشهد سهرات المهرجانات مشكلات أمنية، خلافاً للصيف الماضي الذي تخللته مشكلات أمنية.
ومع نجاح مهرجانات الصيف، برز إلى الواجهة سؤال جوهري حول ما إذا كان المقياس مرتبطاً بالجمهور فقط؟