القاهرة | تماماً كما الحكومات التي لا تستمع لأوجاع مواطنيها، لا تزال «هيئة الإذاعة البريطانية» (BBC)، وللشهر الثالث على التوالي، تتجاهل شكاوى العاملين في القاهرة في أكبر مكاتبها في الشرق الأوسط، وتصرّ على عدم الاستجابة لمطالبهم. أمر دفع الموظّفين إلى تجديد إضرابهم عن العمل للمرّة الثالثة، على أن يستمرّ لعشرة أيام. بدأت أصوات أكثر من 70 موظّفاً في مكتب القاهرة تتعالى بعد عملية التسريح الواسعة التي شهدتها مكاتب وخدمات «بي. بي. سي» في مطلع العام الحالي، وقد وصلت إلى درجة إيقاف البثّ المباشر لخدمة الراديو باللغة العربية بعد 85 عاماً من العمل المتواصل. غير أنّ ما وفّرته الإذاعة الأجنبية الأكثر شهرة عربياً، لم يعد بالنفع على الموظفين الذين تبقّوا، إذ ظلّت أحوالهم المادية كما هي، لتبدأ مطالبات داخلية منذ شباط (فبراير) الماضي بصرف أجورهم بالدولار الأميركي، مثل باقي المكاتب وليس بالجنيه المصري الذي تراجعت قيمته أكثر من مرة في الأعوام الأخيرة تحت ضغط السياسة الاقتصادية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. علماً أنّه حتّى الرواتب التي يتقاضها العاملون بالجنيه المصري لم ترتفع منذ عام 2020، وفق ما يؤكّد كثيرون منهم. غير أنّ المطالبات الداخلية لم تلق أي استجابة، ما أدّى بالموظّفين في مكتب القاهرة إلى اللجوء إلى «نقابة الصحافيين»، داعين النقيب خالد البلشي إلى حضور أوّل إضراب عن العمل استمر لمدّة يوم واحد في منتصف حزيران (يونيو) 2023. ثمّ كرّروا الإضراب لمدة ثلاثة أيام في تموز (يوليو) الماضي، قبل أن يُفاجؤوا بأنّ أيّام الإضراب حٌسمت من رواتب الشهر المذكور! وهو ما اعتبرته النقابة تعنّتاً غير مفهوم، فيما وجّه البلشي الدعوة لضيوف المحطة البريطانية إلى التضامن مع العاملين فيها في مداخلاتهم الهاتفية أو من الاستديو. واعتبر أنّ موقف BBC وتعاطيها مع ما يجري «سلبي للغاية»، وخصوصاً عندما ردّت الإدارة في لندن بأنّ التفرقة في المعاملة بين مكتب القاهرة من جهة ومكتبي بيروت وأنقرة من جهة أخرى، تعود لأنّ لـ «كلّ حالة ظروفها». وهو كلام رأى البلشي أنّه غير مقبول. وفي السياق نفسه، كشف العاملون في مكتب المحروسة أنّ أي موظّف غير مصري فيه يتقاضى أجره بالدولار، على الرغم من أنّه مقيم مثلهم في العاصمة المصرية. وفي ضوء كلّ هذا، قرّر العاملون في المكتب إعلان إضراب ثالث بدأ أوّل من أمس الثلاثاء، سيستمرّ لعشرة أيام. على أمل أن تتراجع إدارة لندن وتقدّم حلّاً عادلاً للأزمة التي تتعامل معها حتى الآن على طريقة الحكومات الديكتاتورية، تلك التي تحرص «بي. بي. سي» على التظاهر بمهاجمتها!