القاهرة | رغم أنّ إيراداته لم تتجاوز حاجز الـ 100 ألف دولار أميركي في أسبوعه الأوّل، وهو أقل من متوسط ما حقّقته معظم الأفلام المشاركة في أسخن سباق صيف سينمائي في المحروسة منذ جائحة كورونا، لكن فيلم «أولاد حريم كريم» (تأليف زينب عزيز، وإخراج علي إدريس) حظي بخصوصية مختلفة كونه الجزء الثاني من فيلم شهير هو «حريم كريم». كما أنّ طرحه جاء كاختبار لقدرة صنّاع الشريط الأوّل على إقناع، ليس جمهورهم فقط، وإنّما جيل الأبناء بمشاهدة عمل أحبه آباؤهم في منتصف العقد الأوّل من هذا القرن.دار «حريم كريم» حول شاب يعاني مشكلة كبيرة مع زوجته، ليستعين بأربع من زميلات الجامعة لإقناعها بالمصالحة. لكنّ ثلاثاً منهن يطمعن بالحلول مكانها، لتبدأ سلسلة من المناورات النسائية للفوز بقلب «كريم الحسيني» الذي يجسّده مصطفى قمر المصنَّف في ذلك الحين أنجح مطرب على شاشة السينما، قبل أن يستولي تامر حسني لاحقاً على اللقب. حقق الفيلم قبولاً جماهيرياً كونه يجمع بين الرومانسية والكوميديا، قبل أن يفاجأ الجميع بأنّ القائمين عليه ينوون إنتاج جزء ثانٍ يدور بشكل رئيس حول أبناء الأبطال وكيف جمعت بينهم خطوط متشابكة بالتزامن مع دخول الأرمل «كريم الحسيني» قصة حب تثير غيرة زميلات الماضي مجدداً، قبل أن يعود الجميع إلى قواعدهم سالمين.
مؤلّفة الفيلمين هي السيناريست زينب عزيز، ومخرجهما هو زوجها علي إدريس، وهما غائبان عن السينما منذ عام 2016، فيما لم يقدّم مصطفى قمر منذ عام 2011 سوى فيلمَيْن لم يحققا النجاح المتوقع، هما: «جوة اللعبة» (2012) و«فين قلبي» (2017). لكن هذه المرّة، نجح قمر وعزيز وإدريس في تقديم حكاية متماسكة تقنع الجمهور المحبّ للفيلم الأوّل بأنّ التغييرات التي طرأت على الشخصيات يمكن قبولها من دون الشعور بالارتباك. غابت ياسمين عبد العزيز وقُدّم مصطفى قمر كـ «أرمل» مع ابنة وحيدة هي رنا رئيس. وبما أنّ الموت غيب الممثل طلعت زكريا مصدر الكوميديا في فيلم عام 2005، أضيفت شخصية طليق علا غانم التي قدّمها عمرو عبد الجليل، ليحدث توازناً واضحاً على مستوى الضحك. وتزامناً، تغيّرت وظيفة خالد سرحان، غريم البطل وزوج داليا البحيري، في الفيلمين من ضابط شرطة إلى مدير سوبرماركت، تفادياً لحساسية ظهور ضابط الشرطة وهو يستخدم العنف تجاه صديق زوجته. حساسية لم تكن موجودة بالطبع في عام 2005، لكن السياسة غيّرت الكثير في أفكار أهل المحروسة في الآونة الأخيرة.
بذلت عزيز مجهوداً واضحاً في رسم خيوط تقود إلى التقاء كلّ الأبناء، فيما تصارع اثنان منهم على قلب ابنة البطل، أحدهما تيام مصطفى قمر الذي منحه الشريط أولى بطولاته السينمائية. أما الأمّهات، فجرفهنّ الحنين إلى مغامرات الجزء الأول، حيث تصدّين لقصة حب نشأت بين مصطفى قمر وبشرى قبل أن ينتصر الحب في النهاية على مراهقة أيام الجامعة. كل ذلك في إطار كوميدي غنائي سريع الإيقاع، لكن مع الأخذ في الاعتبار أنّ الشريط يظلّ مسلياً لمن ارتبط بالجزء الأول إلى حد كبير. لعلّ هؤلاء هم مَن شكّلوا معظم المشاهدين في الأسبوع الأوّل، بينما ما زال أمام الشريط أسابيع عدّة حتى عودة المدارس في مصر من أجل حصد مزيد من الإيرادات التي تضمن رقماً مقبولاً لقمر والشركة المنتجة في سباق الصيف، وبالتالي ضمان المزيد من التنوّع للسينما المصرية وعدم الاعتماد فقط على البطولة المطلقة لأسماء بعينها. إذ يعدّ «أولاد حريم كريم» ثاني أفلام الموسم الحالي، بعد «وش في وش» (كتابة وإخراج وليد الحلفاوي)، المصنَّف ضمن فئة البطولة الجماعية مع محتوى ينشغل بقضايا اجتماعية، مع الفارق طبعاً بين جدية «وش في وش» رغم جرعة الكوميديا، وخفة «أولاد حريم كريم» الذي انحاز بشكل أكبر للتسلية وأخلص للخطوط الرئيسية التي صنعت جماهيرية «كريم الحسيني» و«حريمه» قبل 18 عاماً.