كالعادة، يتداول أصحاب الحسابات النشطة على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع محدّدة من الحوارات المثيرة للجدل، تلامس أزمةً ما لديهم ولو توافق الكلام مع المنطق، فيما يتركون ما هو أهم. أحدث مثال على ذلك المقطع الذي تداوله كثيرون للمستشار في الديوان الملكي السعودي تركي آل الشيخ وهو يؤكد أنّ المذيع الناجح والمؤثر عمرو أديب، هو في الأساس صناعة سعودية، كونه انطلق إلى الأضواء عبر شاشة شبكة «أوربت» السعودية حيث استمرّ 14 سنة، قبل أن يخفق في الاستمرار على الشاشات المصرية، وتحديداً ON ويعود قبل أربع سنوات إلى «أم. بي. سي. مصر» التي بدأ معها موسمه الخامس من برنامج «الحكاية». لم يكن تركي آل الشيخ «يعاير» عمرو أديب (لن نذكّر هنا بأسلوب تركي آل الشيخ في التعاطي مع الفنانين والإعلاميين وتعاطيه الفوقي من موقع أنّه مغدق الخيرات عليهم وبالتالي يدينون إليه وإلى المملكة بواجب الطاعة) بهذه المقولة، بل كان يؤكد على حقيقة أنّ الكثير من المنصات الإعلامية الناجحة في العقود الأخيرة سعودية التمويل.
من الحلقة

أديب نفسه أكّد على كلام مضيفه، قائلاً بأنه فخور بذلك، لكنّ «الحساسية المصطنعة» بين المملكة والمحروسة هي التي تقف وراء الانتقادات المتكرّرة لما تقدّمه الرياض في مجالات الترفيه والإعلام، ولمن يروّج لكلّ هذا النشاط وفي مقدمتهم عمرو أديب. تعبير «الحساسية المصطنعة» جاء على لسان آل الشيخ نفسه، مؤكداً على استنكاره حملات الهجوم على أي فنان مصري يشكر المملكة في الحفلات الفنية التي تقام هناك، ضارباً المثل بمحمد الحلو الذي تعرض لانتقادات حادة بسبب جملة «عمار يا سعودية»، متسائلاً: هل كلمات الأغنية قرآن لا يمكن تغييره؟ ولماذا لا يتكرّر الغضب نفسه عندما يجامل المطربون الأردن وتونس في جرش وقرطاج؟ حتى لو كانت هناك انتقادات للمطرب، ليس من المفترض أن تكون المملكة طرفاً في ذلك، مؤكداً أنّ كل النجوم العالميين في الطرب والكرة لم يتعرضوا لهذه الانتقادات في بلدانهم لأنّهم جاؤوا إلى السعودية؟!
تساءل رئيس هيئة الترفيه أيضاً عن السخرية من الأموال التي يحصل عليها النجوم، وما المشكلة في أنّ الفنان يعامَل بأعلى مستوى قبل مغادرته إلى مطار بلده حتى يصل إلى المملكة وإلى حين توديعه عائداً إلى بيته من جديد، وأنّ كل الفنانين يعبّرون عن امتنانهم لهذه المعاملة، ولهذا يقبلون الدعوات مهما تكرّرت، فما الضير في ذلك على حدّ قوله؟
التصريحات المستاءة من الانتقادات المتكررة للمملكة ولـ «موسم الرياض»، دفعت آل الشيخ إلى الإعلان عن قرار يقضي من الفنانين بعدم توجيه الشكر للسعودية في الحفلات الفنية هناك، مؤكداً أنه بذلك يحافظ أيضاً على النجوم حتى لا يتعرضوا لحملات عنيفة. لكن أهمّ ما قاله على الإطلاق ولم تتناوله الصحف المصرية التي نشرت مقاطع من الحوار (صحف «الشركة المتحدة» التابعة للاستخبارات المصرية، لم تنشر التصريحات في الأساس) بأنّ هناك جهات تغذّي هذه «الحساسية المصطنعة» وأن الاستمرار في هذه السياسة سيؤدي إلى العديد من المشكلات، في إشارة واضحة إلى دوائر إعلامية قريبة من الرئيس المصري، ومشيراً إلى أنه لا يجد تفسيراً لكل هذا إلا واحداً من ثلاثة أسباب: إما «خلل عقلي»، أو عدم القدرة على المنافسة، أو الحسد!
الأزمة بين البلدين مستمرة على الأقل في ما يتعلق بصناعة الترفيه


إذن الحوار الذي صوِّر في لندن وامتد على حوالي 50 دقيقة، في مناسبة إطلاق النسخة الجديدة من «موسم الرياض»، شكّل فرصةً لآل الشيخ للرد على الانتقادات الحادة التي وجّهها الغاضبون من استقطاب النجوم لحفلات وملاعب السعودية، لكنه كشف بوضوح على أن الأزمة بين الرياض والقاهرة مستمرة على الأقل في ما يتعلق بصناعة الترفيه، وأنّ القاهرة مطالبة بالتوقّف عن تغذية «الحساسية المصطنعة» لأنّ الرياض لن تتوقّف عن استقطاب النجوم على حد ما أكده آل الشيخ بكل الطرق خلال حواره مع الإعلامي المصري الجنسية الذي صنعته السعودية عمرو أديب.